
كتب عوني الكعكي:
هذه المعادلة الحقيقية، أثبتها المغفور له الرئيس المصري أنور السادات الذي أعلن في اليوم الثالث لحرب 6 أكتوبر، أنّه لا يستطيع أن يحارب أميركا. بمعنى أن الحرب ليست مع إسرائيل بل الحرب الحقيقية هي مع أميركا.
وانطلاقاً من ذلك.. اتجه نحو السلام… ومن يعرف تفاصيل رحلته الى القدس، حين أرسل الصحافي أنيس منصور المتزوّج من الطائفة اليهودية الى القدس، يعرف أسراراً عدّة وخفايا كانت غائبة عن الكثيرين.
يقول الزميل الأستاذ أنيس منصور إنّه سكن في إحدى فنادق القدس.. وكان يومياً يتلقى اتصالاً هاتفياً الساعة 8 صباحاً من وزارة الخارجية الإسرائيلية يطلبون منه تعديل في الاتفاق، فكان جوابه أنّ عليه أن يراجع القيادة في مصر… وبالفعل، كان يتصل بالرئيس السادات ويعلمه برغبة الحكومة الإسرائيلية العدوّة بالتعديل.. فكان جواب الرئيس السادات «وماله» موافق…
بقيَت الحال على هذا المنوال: التغيير اليومي في الاتفاق. وكي أنقل للقارئ طلبات التغيير الاسرائيلية: عدد الدبابات المصرية في سيناء إذ كان الاتفاق على 5000 دبابة، فطالبت إسرائيل بتخفيضها الى 500. وعدد الفرق… نريد أن نخفّضها الى كذا..
واستمرّت المطالبات الى يوم وصول الرئيس السادات الى مطار بن غوريون… فاتصل الأستاذ أنيس به وهو يتحضّر للنزول من الطائرة والذهاب الى الكنيست لإلقاء كلمته. فقال له: إنّ هناك طلب تعديل جديد، وكان جواب الرئيس السادات بالموافقة.
بعد عودة الرئيس السادات الى القاهرة، استدعى الزميل أنيس منصور الى مكتبه وقال له: «اسمع يا أنيس، إسرائيل مش عايزة السلام، إسرائيل عايزة إبقاء حالة الحرب، فأنا انتصرت على إسرائيل لأني أجبرتها على القبول بالسلام».
خلاصة الموضوع، أنّ الرئيس السادات كان مقتنعاً بأننا لا نستطيع محاربة إسرائيل، لأنّ العالم كله أو أكثريته وخاصة أميركا معها. لذلك عندما نحارب إسرائيل لا نحاربها وحدها، بل نحارب العالم كله، والأهم اننا نحارب أميركا.
السؤال هنا: من يستطيع أن يحارب أميركا؟؟!!!
اليوم، وبعد مرور 50 سنة على توقيع اتفاق «كامب ديڤيد»، وبعد أن خرجت مصر من الصراع العربي – الإسرائيلي، وإنشاء ما يُسمّى بجبهة الصمود والتصدّي التي اشتركت فيها ليبيا والعراق وسوريا والجزائر… فماذا نقول؟؟
بكل صراحة، دُمّرت العراق بحرب سخيفة يوم احتل الرئيس صدّام حسين الكويت، فشنّت أميركا والتحالف الدولي مجنّدين بـ500 ألف عسكري لتحرير الكويت.. واشتركت سوريا مع التحالف، يوم أرسلت فرقة من أجل المشاركة في تحرير الكويت، وحصلت على مكافآت سخيّة من المملكة العربية السعودية، لأنّ الملك فهد يومذاك اضطر الى الاستدانة من «البنوك» السعودية من أجل تسديد تكاليف الحرب لأميركا. ولم تكتفِ أميركا بتحرير الكويت بل ذهبت لاحتلال العراق بقرار من الرئيس الأميركي جورج بوش الابن.
وهكذا دمّرت العراق، وأصبح الحاكم الفعلي هو قائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني الذي كان يفرض على الحكام العراقيين دفع 5 مليارات من الدولارات ليقوم بتمويل الميليشيات الشيعية. وفي سوريا تسلم الرئيس الغبي والهارب بشار الأسد… وكانت سوريا بلد البحبوحة حيث يستطيع المواطن أن يعيش بكرامته، إذ ساعدت سوريا بإعطاء الأراضي للجمعيات التي كانت تبني بيوتاً لأعضاء الجمعية… لذلك ترى أنّ معظم العائلات وجدت مساكن تملكها، لكن الرئيس بشار ارتكب الغلطة التاريخية يوم رفض اقتراح المندوب الأميركي ريتشارد أرميتاج، بأن يعطي الأميركيين 3 أسماء لتولي رئاسة الجمهورية اللبنانية ليختاروا واحداً منهم فرفض، فوعده بأنه سيدفع الثمن غالياً، حيث لم يستمع لنصيحة نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام بأن لا يعادي الأميركيين، وأن يقتدي بوالده المرحوم الرئيس حافظ الأسد. فنتج عن ذلك هروبه من سوريا بسبب الحرب الأهلية التي تسبّب بها ولم يعرف كيف يحتويها.
[وإلى اللقاء في الحلقة الثانية]
عوني الكعك




