سلايداتمقالات

البابا يوجّه رسالة إلى إسرائيل من لبنان

كتب عوني الكعكي:

زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان ليست زيارة عادية، بل هي أهم من الزيارات التي سبقه إليها أسلافه، إنها رسالة الى إسرائيل يقول فيها: «إنّ المسيحيين في لبنان هم أساس لبنان وهم الأساس في الشرق كله».
معروف أن وجود لبنان بتركيبته الطائفية، هو أكبر تحدٍّ للوجود الإسرائيلي. إذْ إنّ إسرائيل ترفع شعار: أن تكون دولة لليهود فقط… وأنّ الإسرائيليين لا يستطيعون أن يعيشوا مع أي طائفة أخرى، وخير دليل على ذلك، أنّ اليهود رفضوا العيش المشترك مع العرب ومع أي طائفة غير يهودية.
جاء البابا ليقول لليهود: «إنّ لبنان يعيش فيه المسيحيون والمسلمون وباقي الطوائف بكل احترام وتقدير.. وأنّ لا توجد مشكلة بين مختلف هذه الفئات، المشكلة الوحيدة هي التدخلات والمؤامرات الخارجية».
نقطة بالغة الأهمية… فقد لفتني في الزيارة اللقاء مع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان الذي قال في كلمته أمام البابا: «لبنان أرض الرسالة وحامل رايتها ومؤتمن على نشر الأمن والسلام في العالم».
وأضاف: «نحييكم بتحية الإسلام الذي يؤمن بالسيّد المسيح عليه السلام رسولاً ومبشّراً وهادياً. نحن مؤتمنون على لبنان دينياً وأخلاقياً ووطنياً».
بعد كلمة سماحة المفتي دريان كانت كلمة لسماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي أبي المنى، الذي أكّد على أهمية الحوار بين الأديان والثقافات، فالحوار هو أساس صون الوطن وبناء السلام.
أما نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى العلاّمة الشيخ علي الخطيب، فقد قدّم رسالة مطوّلة تشرح رؤية الطائفة الشيعية للبنان، والعلاقة بين مكوّناته والظروف التي عاشتها الطائفة والوطن بشكل عام في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
كذلك، فإنّ سماحة رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور رحّب بالبابا بحفاوة. وأكد أنّ رسالته تمثّل رسالة أمل للبنان.. وأشار الى أنّ لبنان يمثّل واحة للحوار وجسراً بين الشرق والغرب.
كذلك، فإنّ كلمات البطاركة أمام البابا ركّزت على الترحيب بزيارته، وتأكيد أهمية العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين… هذا ما قاله البطريرك يوحنا العاشر عن الروم الأرثوذكس، وبقية البطاركة من الطوائف الأخرى على رأسهم البطريرك بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكيا رئيس الكنيسة المارونية، والبطريرك يوسف الأول عبسي بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك… كل هؤلاء أجمعوا على نجاح العيش المشترك بين الطوائف في لبنان… وأنّ جميع اللبنانيين يعيشون بمحبة وسلام ووئام.
هذه المواقف كلها، ومن مختلف الطوائف والمذاهب، تلتقي جميعها على رفض ما يصرّح به الإسرائيليون من استحالة عيش أبناء الطوائف مع بعضهم البعض.
أعود الى زيارة البابا فأقول: الاستقبال الرسمي والشعبي الحار بالبابا ليس غريباً عن طبيعة اللبنانيين.. إذ إن اللبنانيين مشهورون بالترحيب بالضيوف، كل الضيوف من جميع أنحاء العالم… فكيف الحال إذا كان الضيف كبيراً كالبابا لاون الرابع عشر.
ثلاثة أيام قضاها البابا في لبنان، كأنها ثلاث دقائق، إذ كان مشغولاً على مدار الساعة، في الصلاة والطلب من المؤمنين جميعهم ومن كل الطوائف التحلّي بالمحبة واحترام الآخرين والبُعد عن الحروب والاتجاه نحو السلام.
رئيس الجمهورية هو الآخر عاش أفضل 3 أيام في حياته مع جميع اللبنانيين بوجود البابا في زيارته التاريخية الى لبنان.
بعض الاعتراضات التي حدثت حول «البروتوكول»، نقول لأصحابها: «من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر».
أما بالنسبة للرسالة التي وجهها قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى غبطة البابا، فإنها تستدعي التوقف عندها لتؤكد مرّة جديدة الناحية الإنسانية والطوباوية التي يتميّز بها الدكتور جعجع بالرغم من أن السياسة تطغى على كل شيء في بعض الأوقات.
كلمة أخيرة لا بدّ من قولها حول التهديدات الإسرائيلية شبه اليومية حول أن تقوم إسرائيل بعملية أمنية كبيرة على لبنان:
أولاً: أقول بكل صراحة: إنّ إسرائيل لم تنسَ احتلال لبنان عام 1982 والخروج عام 2000.
ثانياً: إسرائيل لا تريد أن تترك لبنان يعيش للحظة واحدة في أي نوع من الاستقرار، لأنّ الشعب اللبناني العظيم يستطيع وهو قادر على ترميم الروح وإعادة الإعمار وإعادة الوضع الاقتصادي. وهذا ما جاء في كلمة البابا: إذ أكد البابا على أصالة اللبنانيين وصلابتهم.
ثالثاً: نسأل هذا السؤال: هل توقفت إسرائيل منذ تاريخ 27-11-2025 وحتى يومنا هذا عن الاعتداءات اليومية على لبنان حيث أصبح عدد الذين اغتالتهم إسرائيل أكثر من 400 شهيد من الحزب بالمسيّرات.
أخيراً… زيارة البابا الى لبنان فأل خير… فيها رسائل الى إسرائيل عسى أن تفهمها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى