
مع اقتراب الأعياد وما تحمله من موائد عامرة وتنوّع في الأطباق، تبرز الحاجة إلى وعيٍ غذائي يحفظ متعة الاحتفال دون المساس بالصحّة.
في هذا الإطار، كان لنا هذا اللقاء مع أخصائية التغذية كارن عبدو، التي تؤمن بأنّ الصحّة أسلوب حياة متكامل، لا مرحلة عابرة.
– نلاحظ في الآونة الأخيرة تزايد حالات التسمّم الغذائي، برأيكِ ما الأسباب الأكثر شيوعًا وراء ذلك، وكيف يمكن الوقاية منها؟
نعم، نشهد في الفترة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في حالات التسمّم الغذائي، ويعود السبب الأساسي إلى سوء تخزين الأطعمة، لا سيّما في ظلّ انقطاع التيار الكهربائي المتكرّر. كما يساهم عدم الالتزام بقواعد النظافة أثناء تحضير الطعام، وخلط الأطعمة النيئة مع المطبوخة، في زيادة خطر التلوّث. إضافة إلى ذلك، هناك استخفاف بتاريخ انتهاء الصلاحية، وهو أمر أصبح شائعًا وواضحًا في الآونة الأخيرة، فضلًا عن تناول الأطعمة غير المطبوخة في الوقت أو بدرجة الحرارة المناسبة. أمّا الوقاية، فهي بسيطة ولكن أساسيّة، تبدأ بنظافة اليدين، وطهي الطعام على درجات حرارة آمنة، وتخزين الأطعمة بشكل صحيح في البرّاد، وعدم ترك الطعام المطبوخ خارج البرّاد لفترات طويلة.
– مع اقتراب فترة الأعياد، كيف يمكن للناس الاستمتاع بالمناسبات دون الإضرار بصحّتهم أو زيادة وزنهم؟ وما النصائح التي توجّهينها للحفاظ على التوازن الغذائي؟
الأعياد ليست وقتًا للحرمان، وهذا ما أؤكّده دائمًا. فالحرمان لا يساعد على خسارة الوزن، بل قد يؤدّي إلى نتائج عكسية. وفي المقابل، لا يجب أن تكون الأعياد فترة فوضى غذائية أو تخلٍّ كامل عن النظام الغذائي.
المفتاح هو الاعتدال والتحكّم بالكميّات، أي تناول القليل من كل شيء بوعي وتركيز على النوعية والكمية، شرب كميّات كافية من الماء، الحفاظ على الحركة والنشاط البدني، وتنظيم الوجبات خلال اليوم، كلّها عوامل تساعد على الحفاظ على الوزن والاستمتاع بالمناسبات دون شعور بالذنب.
– نلاحظ أنّ بعض الأشخاص يتناولون كميّات كبيرة من الطعام دون أن يزداد وزنهم، فيما يكتسب آخرون الوزن بسرعة. بمَ تفسّرين هذا التفاوت؟ هل يعود لعوامل وراثية أم لنمط الحياة؟
هذا سؤال يُطرح كثيرًا، والجواب يكمن في مزيج من العوامل الوراثية ونمط الحياة. فالوراثة تلعب دورًا في سرعة عمليّة الأيض وتنظيم الشهية، لكنها لا تُعدّ العامل الوحيد أو الحاسم. إلى جانب ذلك، يؤثّر مستوى النشاط البدني، والكتلة العضلية، ونوعيّة الغذاء، وجودة النوم، ومستوى التوتر النفسي، بشكل مباشر في كيفية تعامل الجسم مع السعرات الحرارية.
لذلك، لا يمكن مقارنة الأشخاص ببعضهم البعض، إذ إنّ لكل جسم خصائصه واحتياجاته الخاصة. والأهم هو أن يفهم كل فرد طبيعة جسده، وأن يعتمد أسلوبًا غذائيًا ونمط حياة يتناسبان معه، بما يضمن نتائج صحيّة ومستدامة على المدى الطويل.
– ما رأيكِ في الإبر التي يُروَّج لها على أنّها تساعد على خسارة الوزن؟ وهل تُشكّل خطرًا على الصحّة أو قد تؤدّي إلى مضاعفات؟
تُعدّ هذه الإبر علاجات طبيّة مخصّصة لحالات محدّدة، إذ تعمل بشكل أساسي على تنظيم الشهية وتعزيز الشعور بالشبع، لكنها ليست حلًا سحريًا، ولا تناسب جميع الأشخاص. ومن الضروري التأكيد على أنّ استخدامها يجب أن يكون تحت إشراف طبي صارم، وضمن خطة غذائيّة صحّية متكاملة، تترافق مع تغيير حقيقي في نمط الحياة، يشمل تحسين العادات الغذائية، ممارسة النشاط البدني، وتنظيم نمط النوم. أمّا اللجوء إلى هذه الإبر من دون إشراف طبي، فقد يؤدّي إلى آثار جانبية واضطرابات هضمية، وقد تكون مضاعفاتها أخطر من مشكلة زيادة الوزن نفسها، والتي يمكن في كثير من الأحيان معالجتها من خلال نظام غذائي متوازن ونمط حياة صحي. لذلك، يبقى الهدف الأساسي هو تحقيق تغيير مستدام، لا حلول سريعة ومؤقّتة.




