سلايداتمقالات

لا اللجوء السوري ولا المؤامرة الأميركية

كتبت سناء الجاك في نداء الوطن:

يسود كمّ هائل من الرياء في تناول مسألة اللجوء السوري إلى لبنان. ففي حين يسبق تناول المسألة تأكيد على أن اللبنانيين والسوريين هم ضحايا في مركب واحد يغرق، والأمر صحيح، إلا أنّ الاستطراد المفخخ بالعنصرية والطائفية هو ما يجعل الرياء منبت التوظيف السياسي بما لا يمكن حصره من التأويلات.

وصحيح أنّ الأبعاد الاستراتيجية لمسألة تهجير الشعب السوري، تتأرجح بين محاور، تبدأ من طهران وغايتها إحداث تغيير ديموغرافي في سوريا لمصلحة التمدد الإيراني حتى سواحل المتوسط، وتمر بنظام الأسد المستأنس بالتخلص من بضعة ملايين من الذين يشوشون على حكمه ويرفعون تكاليف أعبائه المالية ويساهمون بزعزعة الأمن في لبنان فيزيدونه ضعفاً على ضعفه، وبعضهم من عظام الرقبة الأسدية المدسوسين ويعملون لخدمة النظام، ولا تنتهي عند واشنطن التي تعمل على التناقضات تزرعها أو تعزف على إيقاعها لتبقى المنطقة متأججة بصراعات وأزمات تمكنها من التلاعب بها.

ولكن، إذا عدنا إلى مبدأ أنّ الجمر لا يحرق إلا موضعه، نجد أنّ الاتهامات تُحَمِّل هذا اللجوء مسؤولية الانهيار الحاصل، في حين أنّ الدولة اللبنانية تتداعى بسبب معادلة مصادرة السيادة مقابل غض النظر عن الفساد. هذا في المبدأ، أمّا في التفاصيل، حيث تكمن الشياطين، فتنشط المصالح والغايات التي تجمع الفاسدين بمصادري السيادة من أصحاب المشاريع بالمافيات. وهذه المصالح لا تقتصر على اللبنانيين، وانما هي تجمع تجّار كوارث من جانبي الحدود، سواء من المتاجرين بالبشر أو بالمخدرات أو بالبضائع أو بتبييض الأموال.

بالتالي فإنّ مسؤولية انهيار الوضع مرتبطة مباشرة بمن دمّر البنية التحتية لمؤسسات الدولة اللبنانية، وبمن سرق قطاع الطاقة وسمسر صفقات كالفيول المغشوش أو مباني شركات الهاتف الخليوي، أو استدان مِنَ المصارف ونهب أموال المودعين، أو أدخل نيترات الأمونيوم وغضّ النظر عن وجودها في المرفأ لتنفجر وتفجر نصف بيروت، ومن ثم منع القضاء من مساءلة المرتكبين.

فالمآسي اللبنانية صناعة محلية، قد تفاقمها عوامل من خارجها، لكنها تبقى صناعة محلية، واستخدام اللجوء السوري يشبه تماماً استخدام المؤامرة الأميركية، التي حدّثني عنها سائق تاكسي، وتتعلق بشروط ثلاثة، هي نزع سلاح «حزب الله» وتوطين اللاجئين السوريين والفلسطينيين وإعطاء نصف كمية النفط التي سيتم استخراجها من مياه لبنان الإقليمية إلى إسرائيل… وإلا ستبقى الأزمات على حالها وستزيد وطأتها… ودائماً على ذمة السائق، الذي يرفض الإقرار بأنّ الانهيار وتجويع الشعب اللبناني، من صنيعة قوى الأمر الواقع وفائض السلاح، وأنّ الفساد يفرض توافقاً تحت الطاولة بين المتخاصمين فوقها.

وبالطبع يرفض السائق الإقرار بأنّ ترسيم الحدود البحرية صفقة أميركية وحزب – الهية وإسرائيلية بالتكافل والتضامن، تماماً كما يرفض معتنقو النزعة العنصرية الإقرار بأن مسألة اللجوء السوري تتطلب حلولاً بديهية تقضي بطلب لبناني صريح من الدول العربية الفاعلة والجامعة العربية عدم قبول عودة النظام السوري إلى مقعده إلاّ بشرط إعادة السوريين إلى وطنهم بضمانة عربية ودولية تنفيذاً للقرار 2254.

لكن يبدو أنّ مثل هذا الطلب يجب أن يقرن بطلب آخر من «حزب الله» يقضي بإخلائه المدن والقرى المحيطة بالحدود الشرقية اللبنانية، ليعود أهلها إليها، والتنازل عن تحكمه بها عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، للدولة اللبنانية وجيشها وأمنها، كما يسد أبواب الاستثمار في عودة التشنجات بين الشعبين اللبناني السوري.

لذا الأفضل تفخيخ مسألة اللجوء وتأجيجها بما يؤدي إلى انفجارها أو مقاربتها الانفجار، بغية فرض سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية… على اعتبار أنّه قدم وعوداً لا ترتقي إلى درجة الضمانات لعودة اللاجئين السوريين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى