سلايداتيوميات

الأجواء ظاهريا ايجابية.. لكن ماذا عن الجدل العقيم؟

تناولت الصّحف اللّبنانيّة جُملةَ مواضيع، من بينها الكارثة البيئيّة التي حلّت على لبنان ليل أمس بعد أن امتدّت الحرائق من أحراج القبيات الى احراج وبساتين جبل اكروف فأراضي بعلبك – الهرمل، والموضوع الثاني وهو موضوع تشكيل الحكومة، الذي غدا اليوم “الأبرز” على الساحة اللبنانيّة، بعد سرعة قياسية لتكليف الرئيس “نجيب ميقاتي” ليتولّى تشكيل الحكومة.

وفي هذا الإطار، عنونت صحيفة “النهار” الآتي:

بدء المخاض الشاق لتجربة عون – ميقاتي

بعد أن كان واضحاً أن مسار التأليف أتى بسرعة قياسية وملحوظة خلافا لما سبقه، لحقته ثلاث زيارات متتالية للرئيس نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا عقب تكليفه، وقد ظهرت أجواء ايجابية عبّر عنها ميقاتي بعد كل لقاء متمنيّا أن تتشكل الحكومة بأسرع وقت ممكن، الا أنّ وبحسب النهار يبدو ميقاتي مغاليا في اضفاء هذا الجو الايجابي ولو انه يتبع في ذلك الأسلوب الضاغط الضمني لاستعجال مسار التأليف، وعدم السقوط في هوة العرقلة والمماطلة والتأخير بلوغاً ربما الى التعطيل، لأنّ ذلك لا يحجب واقع ان المخاض الشاق للتأليف بدأ عملياً امس في الاجتماع الثاني الذي عقداه. ووفق المعطيات الايام القليلة القادمة تعتبر الحد الفاصل عن نهاية هذا الاسبوع، لمعرفة ما اذا سيكون مصير بت التأليف سيأتي بسرعة وبالتالي سيتّضح أمرين اساسيّين: الأول معاينة حقيقة الكلام الذي يتردد عن نية العهد التعاون مع ميقاتي بغية تسهيل الولادة الحكومية وهو أمر سيبدأ اكتشافه من اليوم مع طلائع جواب رئيس الجمهورية على التشكيلة التي طرحها امس ميقاتي، والمتضمنة 24 وزيراً اختصاصياً لم يسمهم ميقاتي وانما اعتمد توزيعاً طائفياً لهم وينتظر جواب عون عليها. والثاني ربما لا يظهر بسرعة ويتصل بحقيقة دعم “حزب الله” لميقاتي من خلال تسميته في الاستشارات والتشديد الإعلامي لنوابه على ضرورة تسهيل التأليف وهو الامر الذي يضع الحزب في عين المراقبة والرصد ليبين ما اذا كان سيترجم دعمه الكلامي بالضغط على العهد وتياره في حال بدأت عرقلة التأليف بحجج مستعادة من تجربة العهد السلبية مع الرئيس سعد الحريري.

وقد أكّدت مصادر مطلعة على لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي امس، أنّ الأخير قدّم لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية الـ 24 من دون أسماء  مشيرة إلى لقاء ثنائياً آخر سيعقد اليوم “للتوسّع في النقاش”.
كذلك، أشارت المصادر إلى أنّ رئيس الجمهورية أبدى ملاحظاته على تصوّر ميقاتي ويتوسّع في هذه الملاحظات بعد درسها بالإستناد إلى التوجهات المتّفق عليها فيما لا يزال التوزيع العام للحقائب محطّ أخذ وردّ، وحقيبة الداخلية قد تكون العنوان الأبرز، لكن كل عملية التوزيع ما زلت قيد البحث .
في المقابل، حذّر ميقاتي من “تداعيات انهيار لبنان”، قائلا: “إذا وصل لبنان إلى انهيار كامل، فإن ذلك سيكون قنبلة تصدم الشرق الأوسط بأكمله”.
وفي تأكيد لتصريحاته السابقة، أكد ميقاتي أنه “يحظى بالدعم الدولي اللازم من جانب الاتحاد الأوروبي، لا سيما فرنسا”، وقال: “أنا واثق من أن الولايات المتحدة ستكون منفتحة لتقديم الدعم أيضا”.
وفي ظل اشتداد الأزمة، رأى ميقاتي أنه “يتعين على وزير المال العتيد أن يكون قادراً على التواصل مع صندوق النقد الدولي والشركاء المحتملين في الخارج والتعامل مع المصرف المركزي”.
وفي ما يتعلق بقرار التخلف عن سداد إصدارات “اليوروبوندز” وعدم دفع المستحقات أشار ميقاتي إلى أنه كان “ليتفاوض مع الدائنين لإعادة جدولة الدين وإعادة تمويله، بدلا من التخلف عن السداد”.
وعن الحرريق الذي شبّ أمس في قضاء عكار وتوسّعه حيث وصل الى محافظة البقاع،  أوضح ميقاتي لوكالة “بلومبيرغ” الأميركية أنه “لن يستطيع إخماد الحريق”، وقال: “لكنني سأمنع انتشاره وآمل فعل ذلك في أول 100 يوم في المنصب”.
الحريري : نادم 
في غضون ذلك أعرب الرئيس سعد الحريري، في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”، عن شعوره “بالندم” على التسوية التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، مشدداً على دعم نجيب ميقاتي في تشكيل الحكومة، داعياً أيضاً إلى رفع الحصانات عن الجميع في قضية انفجار مرفأ بيروت . واعتبر الحريري أن “مصلحة لبنان تكمن في أن ينجح الرئيس ميقاتي في تشكيل الحكومة”، مضيفا: “نحن ندعمه بقوة”
وقال الحريري: “لم أكن أتوقع بحياتي أن يكون (عون) بهذه النفسية، لكني أبرمت التسوية لوقف الانهيار والاقتتال”. وبيّن أنه اعتذر عن تشكيل الحكومة، “لاقتناعه بأن الأمر أصبح شخصيا” مع الرئيس عون. وأضاف الحريري: “المشكلة بالنسبة لتشكيل الحكومة تكمن بوجود فريق يواصل فرض شروطه، ويريد حكومة يوجه وزراءه فيها عبر الهاتف حتى يعطل عمل الحكومة. وأنا لن أعمل وفق هذه الشروط”. وأوضح أن “المشكلة قائمة في تطبيق الدستور طالما هناك حزب مسلح وحزب آخر يفسر الدستور بحسب مزاجه السياسي”. وتابع قائلا: “لم ندخل في سياسات تحرق البلد، وتجلب فتناً إلى لبنان كما فعل آخرون”.
أمّا صحيفة “الجمهوريّة” فكتبت الآتي:
حذر من المراوحة في الجدل العقيم

يُعرب مرجع مسؤول “للجمهورية” تشاؤمه اتجاه موضوع تشكيل الحكومة، باعتبار ان التفاؤل يأتي “عندما نرى الحكومة قد تشكّلت”.

ولفت المرجع الى «ان لا أحد ممّن لهم علاقة بالملف الحكومي يملك ادنى معلومة عما اذا كانت الاسباب التي عطلت تشكيل الحكومة لنحو سنة قد انتفت ام انها ما زالت موجودة. انا من جهتي اشعر انه لم يتبدل شيء حتى الآن، واخشى ان نصطدم بالحائط مجدداً».

ويتساءل ما اذا كانت اسباب التعطيل السابقة لتشكيل الحكومة قد زالت بالفعل، واذا كان هناك ثمة مجال لتفاهم الرئيسين على حكومة، سائلا عن الأسس الجديدة التي سيبنيان عليها هذا التعاون. لكنه في النهاية، استبعد بأن تكون أسباب الخلاف السابقة قد زالت.
وأوصى بأن “يكون التفاهم سريعاً بين عون وميقاتي، وان يكون التعاون بينهما على قاعدة وحيدة هي مصلحة البلد، وليس مصلحة السقوف التي ارتفعت وعطّلت تأليف الحكومة في السابق وجرّت البلاد الى الخراب”.

وخلص الى القول: “ان عدم التفاهم، والمراوحة في الجدل العقيم، وتكرار زيارات للرئيس المكلف من دون ان تصل الى الهدف المنشود، معناه هذه المرة انّ حلبة التأليف ستفتح على جولات جديدة من نزاع الشروط والمعايير والصلاحيات، وهذا معناه كسر كل إمكانيات الانفراج، واعادة إشعال توترات وحريق سياسي ينحدر فيه حال البلد الى وضع مستحيل ان يُحتوى في صعوبته”.

وفي صحيفة “نداء الوطن” جاء العنوان كالتالي:

ميقاتي طرح “البازل الطائفية” على عون… وينتظر “جواب باسيل”!
تعدّدت “الحرائق”… و”جهنّم” واحدة!

تطّرقت “نداء الوطن” الى موضوع الحرائق الموسمية والتي هي فعلٌ من ارتكابات الطبيعة الأم، لكنها وبحسب ما جاء في الصحيفة، فهي حين تندلع في بلد كلبنان مصحوبة برياح سلطة فاسدة تكون النتيجة خلطة “جهنمية” تأتي على “الأخضر واليابس”، كما حصل أمس في الشمال حيث حرقت “ألسنة” الإهمال المزمن لاحتياجات الدفاع المدني والتهميش المتعمّد لدور “هيئة إدارة الكوارث” أحراجاً معمّرة، وحاصرت بنيرانها البيوت السكنية وأهالي المنطقة الذين عمل الصليب الأحمر على إخلاء عدد منهم وإسعاف بعض آخر نتيحة تعرضهم للاختناق، بينما قضى فتى متطوع إثر سقوطه على رأسه خلال مساهمته في عمليات إهماد النار.

الخلاصة، أنّ الحرائق تتعدّد وتتمدّد تحت سطوة طبقة حاكمة ساقت اللبنانيين مخفورين إلى “جهنم” وتنتحل اليوم صفة “الإطفائي” العامل على إخماد نيرانها… فكان الأجدى بها بدل أن تتسول المساعدة من قبرص أن تقتطع الجزء اليسير من عشرات مليارات الدولارات التي نهبتها وراكمتها ديناً عاماً على الخزينة لتعزيز قدرات الدفاع المدني، بدل تركه يكافح الحرائق باللحم الحي، بعدما تقطّعت به السبل نتيجة فقدان مادة المازوت، و”تجنزرت” معداته مع تعذر شراء قطع غيار بالعملة الصعبة.

أما حكوميا، فترى ان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل  قد اسدى “نصيحة” ملغومة للرئيس المكلف نجيب ميقاتي بأن يحاذر الانزلاق إلى نادي “ضحايا” التكليف والتأليف وآخرهم الرئيس سعد الحريري، ملوحاً في حال عدم الإسراع في تشكيل الحكومة بـ”مقاطعة مجلس النواب أو المطالبة بتقصير ولايته أو الاستقالة منه” على قاعدة “من يفكّر بأن يحرقنا سنحرقه”…
واصل ميقاتي أمس سياسة “الضرب على الحامي” وباشر الدخول في التفاصيل الشائكة مع رئيس الجمهورية ميشال عون حاملاً إليه “توزيعة طائفية” لتشكيلته، فأبدى عون “انطباعاته الأولية” عليها واستمهله إلى اليوم “بانتظار جواب باسيل كما درجت العادة”، وفق تعبير مصادر مواكبة للمشاورات الحكومية.

ونقلت المصادر أنّ “الصيغة التي حملها ميقاتي إلى عون رسمت خريطة لتوزيع الحقائب الوزارية على المكونات الطائفية، مؤلفة من 24 وزيراً، بلا وزراء دولة، بحيث تضم إلى رئيس الحكومة، نائب رئيس مجلس وزراء بلا حقيبة، و22 وزيراً بحقائب، فحصل نقاش حول تركيبة اللائحة وأبدى بنتيجته عون ملاحظاته الأولية مؤكداً أنه سيبدي المزيد من الملاحظات بعد التعمّق بدراستها بما يتناسب مع التوجهات الموضوعة لتشكيل الحكومة الجديدة”، على أن يُستكمل البحث اليوم بينهما لتتضحّ الصورة أكثر لناحية المقاربة العونية لعملية توزيع الحقائب.

وبينما نبّهت المصادر إلى أنّ “أي تغيير في أي حقيبة لجهة التوزيع الطائفي سينسحب على كل الحقائب، لأن التشكيلة الحكومية في توازنها هي بمثابة “بازل” إذا تغيرت حقيبة فيها سيؤدي ذلك إلى تغيير كل الحقائب”، عبّرت أوساط مقربة من دوائر بعبدا في المقابل عن “الحاجة إلى نقاش جوهري حول مسألة منح تشكيلة ميقاتي حقيبتي الداخلية والعدل للطائفة السنية”، معتبرةً أنّ ذلك “يخلّ في تأمين التوازن الطائفي في عملية توزيع الحقائب، خصوصا تلك المرتبطة مباشرة بالاستحقاق الانتخابي”، وأكدت في ضوء ذلك أنّ “لا شيء نهائياً بعد، وكل عملية توزيع الحقائب لا تزال محل أخذ ورد”.

وبانتظار ما ستعكسه أجواء الساعات المقبلة حكومياً، تمسك الرئيس المكلف بمقولة “إسع يا عبدي لكي أسعى معك” فأبدى انفتاحه على ملاحظات رئيس الجمهورية واستعداده لأخذها “بالاعتبار”.

أمّ “الأنباء” فعنونت الآتي:

إفراط في التفاؤل بالتأليف خلال أيام… وشيطان التفاصيل الأكبر في “الداخلية”

في مانشيت “جريدة الأنباء الالكترونية”، تم تناول المواقف الايجابية التي نقلها ميقاتي عن عون متسائلين: “ما الذي تبدّل لتسير الأمور بهذه الإيجابية، على عكس ما كانت عليه الأمور مع الرئيس سعد الحريري الذي أمضى تسعة أشهر ولم ينتزع من عون أي موقف إيجابي، وعلى عكس ما هي الحال مع ميقاتي. فهل صحّت المعلومات التي كانت تتحدث دائماً عن أنّ عون كان لا يريد التعاون مع الحريري حتى دفعه إلى الاعتذار؟”

مصادر سياسية مواكبة أوضحت لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ الأمور تبدلت، “متوقعة تشكيل الحكومة أواخر هذا الأسبوع، أو يومَي الإثنين والثلاثاء المقبلَين على أبعد تقدير، وأن عجلة التأليف تسير على نار حامية إذا لم يطرأ ما يفرمل هذه الاندفاعة للرئيس المكلّف، أو أن يحاول فريق العهد الدخول على خط توزيع الحقائب السيادية كما يراها ميقاتي، فعندها تدخل عملية التشكيل في لعبة شد الحبال بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، ما قد يطيل عملية التأليف.”

“لكن المصادر أعادت التأكيد على أنّ الأمور تتجه إلى الانفراج والحلحلة، وأنّ تشكيل الحكومة بات على قاب قوسين وأدنى.”

عضو كتلة الوسط المستقل، النائب علي درويش، تحدّث عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية عن قرارٍ لتسريع عملية تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنّ الرئيس المكلّف لم يقف على رأي الكتل بموضوع الأسماء التي حملها إلى عون لأنّ الكتل النيابية التي التقاها أول من أمس أبلغته تمنيّاتها بتشكيل الحكومة، ولم تشترط عليه أسماءً معيّنة، وهو يعمل من وحي ما سمعه منهم لأنّه لا توجد شروط مسبقة، متوقعاً تشكيل الحكومة في غضون أسبوع، “إذا سارت (الأمور) كما نرغب”.

من جهتها، أشارت مصادر “المستقبل” عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ، “ميقاتي لم يسأل عن الأسماء، فهو بالنسبة لنا، كتيّار، يعرف البير وغطاه، ويعرف من هم الذين يمثّلون السنّة”. كذلك بالنسبة لأوساط كتلة التنمية والتحرير التي أعربت للأنباء الإلكترونية عن ارتياحها لتطوّر الأمور، مضيفة: “صحيح أنّ ميقاتي لم يستشرنا بالأسماء، لكن بمجرد حديثه عن وزارة المال للشيعة هذا يكفي”.

بدوره، أشار عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب وهبي قاطيشا، عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ “السلطة الحاكمة أدركت مؤخراً ضرورة إنقاذ العهد، لذلك تقوم بعملية ماكياج للعهد، واصفاً المعطيات بالصعبة لأنّ تشكيلها قد يستغرق وقتاً، وبعدها ستنشغل بإعداد البيان الوزاري ثم تذهب الى التصويت على الثقة، ونكون قد دخلنا في معمعة الانتخابات، ولن تتمكّن من التفاوض مع صندوق النقد لأنّه سيقول لميقاتي، “حكومتك ستشرف على الانتخابات، وبعدها ستتشكّل غيرها، فكيف يمكننا أن نفاوضك؟”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى