سلايداتمقالات

أزمة الرئاسة وتحدّيات المصير اللبناني

كتب رفيق خوري في نداء الوطن:

النظام الطائفي العصي على الدولة المدنية وحتى على الإصلاح، عصي أكثر على حسابات الغلبة المذهبية بالشوكة ودفع الطوائف الى اليأس والتسليم. ومحنة لبنان الخطيرة حالياً ليست “فرصة” لنجاح مشروع إيديولوجي جيوسياسي إستراتيجي هو الوجه الآخر للغلبة، يعمل له طرف قوي داخلي-خارجي، بصرف النظر عن الرهانات والإمكانات. لا عبر التوظيف السياسي والإقتصادي والإجتماعي للشغور الرئاسي الطويل المشغول بعناية. ولا من خلال الهيمنة على الجمهورية والرئاسة بفرض الرئيس الذي يريد. ولا حتى عبر وصول البلد الى الإنهيار الكامل على أيدي المافيا السياسية والمالية والميليشيوية التي سطت على المال العام والخاص وحكمت على 90% من اللبنانيين بالفقر المؤبد وعلى الشباب بالهجرة. المافيا التي دفعت مجلس الوزراء لحكومة تصريف أعمال الى إصدار قرارات لتشريع السطو وحماية اللصوص من المسؤولية والمحاسبة والتشجيع على الفساد.

ولا يبدل في الأمر تهويل مسؤولين أساسيين في “حزب الله” على المعارضين للمشروع المحلي-الإقليمي والهيمنة بتحديد فرصة أخيرة للصعود الى القطار وقبول المعروض عليهم اليوم في مسألة الرئاسة قبل تحرك القطار ومن دون أي عرض آخر. فلا القطار قابل للإنطلاق من محطة ساحة النجمة حتى إشعار آخر. ولا هو، إذا إنطلق بعد ضوء أخضر أو أصفر خارجي لا يزال أحمر ومن دون حساب للعقبات في البيئة الداخلية، فإن وصوله الى بعبدا لا يضمن القدرة على الحكم بل يضيف أزمة الى أزمات لبنان. والأمر نفسه مع ما دعا إليه وزير الخارجية الإيراني الزائر حسين أمير عبد اللهيان من تفاهم وتوافق على الإستحقاق الرئاسي. فالتفاهم المفترض هو التوافق على خيار “الثنائي الشيعي”. وحديث “اللاتدخل الإيراني” في شؤون لبنان الداخلية هو هزء مكشوف بعقول اللبنانيين الذين جعلت طهران بلدهم واحدة من الساحات الموحدة لمحور المقاومة، وتركت للوكيل الشرعي إدارة التفاصيل في السياسات اللبنانية.

ذلك ان الإستعداد لمواجهة أي إعتداء إسرائيلي على لبنان، بعد تحرير الجنوب من الإحتلال، هو واحدة من مهام “المقاومة الإسلامية” التي يقودها “حزب الله”، ويقوم بأدواره الإقليمية في سوريا والعراق واليمن وأماكن أخرى. وهو جزء من “محور المقاومة” الممتد من اليمن الى العراق وسوريا ولبنان وغزة بقيادة إيران. وقتال إسرائيل هو واحدة من مهام المحور هجوماً ودفاعاً عن إيران في مواجهة أي إعتداء إسرائيلي عليها. أما إعتداءات إسرائيل على مواقع لطهران وميليشياتها في سوريا، فإنها تبقى بلا رد قبل أن يحين “الوقت المناسب”. وما كان من المفاجآت أن يعيد عبد اللهيان التذكير لدى وصوله الى مطار بيروت بثلاثية “جيش وشعب ومقاومة” وأن يزور تمثال الجنرال قاسم سليماني في مارون الراس على مقربة من الحدود مع العدو. ولا هو يجهل أنه ليس للشعب والجيش رأي في قرار المقاومة وعملها.

يقول مثل صيني:”ما لا تستطيع تجنبه، رحِّب به”. ومن الصعب أن يطبق اللبنانيون هذا المثل الذي يطالبهم بمثله “محور الممانعة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى