
على مدار العام الماضي، تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة نتيجة النزاعات المستمرة في غزة وجنوب لبنان، حيث أرسل جيش الاحتلال آلاف الجنود ونفذ الآلاف من الغارات الجوية، مما كبد الدولة تكاليف تقديرية تتجاوز 60 مليار دولار. وفي تصريحات أمام الكنيست، أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن “هذه هي أطول حرب وأكثرها تكلفة في تاريخ إسرائيل”.
تشير التقديرات إلى أن تكلفة العمليات العسكرية قد تتراوح ما بين 200 مليار و250 مليار شيكل (54 مليار دولار و68 مليار دولار). ومع تواصل القصف والتوغلات العسكرية، من المتوقع أن ترتفع التكاليف، حيث يتوقع الدكتور عمرو الجارحي، الخبير الاقتصادي من جامعة شيفيلد هالام، أن تصل الفاتورة إلى 350 مليار شيكل (93 مليار دولار) بحلول عام 2025.
كيف تمول إسرائيل حروبها؟
في مواجهة هذه التكاليف، قام بنك إسرائيل بزيادة مبيعات السندات الحكومية، حيث جمع مبلغًا قياسيًا قدره 8 مليارات دولار من مبيعات السندات في مارس 2024. ومع ذلك، شهدت البلاد انخفاضًا في رغبة المستثمرين الأجانب في شراء السندات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة، ونتيجة لذلك زادت تكلفة القروض بنسبة 1.5 في المئة.
وفي سياق هذه التحديات، خفضت وكالات التصنيف الائتماني الكبرى تصنيف ديون الحكومة الإسرائيلية، رغم التأكيد على أن الوضع المالي العام للدولة لا يزال مستقرًا. وأوضحت البروفيسورة كارنيت فلوغ أن الحكومة تدرس تخفيض الميزانية وزيادة الضرائب للتصدي للعجز المتزايد.
تأثير النزاعات على الاقتصاد الإسرائيلي
قبل اندلاع الحرب، كان الاقتصاد الإسرائيلي يشهد نموًا قويًا، لكنه شهد انكماشًا حادًا منذ ذلك الحين. وفقًا للبنك الدولي، انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المئة، ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.5 في المئة فقط في عام 2024، وهو ما يعد أسوأ من التوقعات السابقة.
كما أثر النزاع على سوق العمل، حيث استدعت القوات الإسرائيلية أكثر من 360 ألف جندي احتياطي، مما تسبب في نقص حاد في الموظفين بالعديد من الشركات. وفي الوقت نفسه، تم منع 220 ألف فلسطيني من العبور للعمل داخل إسرائيل، مما أثر بشكل كبير على قطاع البناء.
بينما يتوقع بعض الخبراء أن يشهد الاقتصاد انتعاشًا قويًا بعد انتهاء النزاع، إلا أن تأثير هذه الحرب، الذي طال شريحة كبيرة من السكان، قد يجعل التعافي أضعف وأطول. تواصل الحكومة الإسرائيلية مواجهة تحديات ضخمة في محاولة للتأقلم مع الوضع الراهن، مما يستدعي ضرورة وجود استراتيجية مالية واضحة لإدارة هذه الأوضاع المعقدة.