سلايداتمقالات

مخاطر المأزق تحرّك الخارج؟

كتب وليد شقير في نداء الوطن:

الفصل الحادي عشر من المسرحية التي يتم تقديم فصولها في جلسات المجلس النيابي لانتخاب رئيس الجمهورية باتت تحرج اللاعبين جميعاً على اختلافهم.

الفريق الذي يمسك بالاستحقاق معلّقاً على شرطه التوافق على اسم الرئيس الذي لا يطعن المقاومة في الظهر، ويؤجل العملية الانتخابية عبر إفقاد الهيئة العامة نصابها، لم يعد مرتاحاً الى وضعه مع تصاعد الحملات ضده، لا سيما في الوسط المسيحي، كما بيّنت ذلك مواقف هذا الأسبوع من تصريحات القادة المسيحيين والبطريركية المارونية ومجلس المطارنة. ومع تناقص الأصوات التي تصب في خيار الورقة البيضاء فإنّ الأمر يتجاوز ما قاله الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بأنّ ليس هناك فريق لديه الأكثرية، وأنّ المشكلة في الكتل المارونية، إلى مزيد من الاحتقان المسيحي حيال «الحزب».

خروج 14 نائباً من «التيار الوطني الحر» من خيار الورقة البيضاء، ما يخفضها من زهاء 50 صوتاً إلى 37، بالقدر الذي يفقد «الحزب» حجة القول إنّ في جعبته أكبر عدد من الأصوات يمكن تجييرها لمرشحه سليمان فرنجية، لا يفيد «التيار» بشيء، لأنّ العدد الأكبر من نوابه ما زال يمارس الخطوة الثانية في لعبة تعطيل نصاب الثلثين مع «الحزب». أي أنّ الرسالة بمزيد من الافتراق عنه لا تعني أنّ لدى «التيار» خياراً عملياً آخر، قابلاً للتنفيذ، بدليل امتناع تكتل «لبنان القوي» عن طرح اسم مرشح بديل لمرشح «الحزب» ولرئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض.

قد يقول قائل إنّ «حزب الله» وحلفاءه لا يأبهون كثيراً للحملة السياسية المتصاعدة ضده في الوسط المسيحي، والتي تأخذ بعض فرقاء هذا الوسط إلى أجواء «فيدرالية» كما ظهر من تلميحات رئيس «التيار الحر» النائب جبران باسيل، في تعليقه على انحياز «الحزب» إلى اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس رغم معارضته لهذا الاجتماع لأسباب ميثاقية، إذ اعتبر أنّ ذلك يضرب التوازنات ويذهب بالبلد إلى أبعد من ضرب التفاهم مع «الحزب». لكن رفض رئيس حزب «القوات اللبنانية» استمرار تحكّم «الحزب» بالرئاسة، وتحذيرات الكنيسة من تفريغ المنصب الماروني الأول والمناصب الأخرى، تعبير عن تعميم المناخ المتغيّر في الرأي العام المسيحي (كما قال البطريرك بشارة الراعي)، ضد «حزب الله»، بما فيه جمهور «التيار الحر»، على رغم عدم تبني جعجع والكنيسة طروحات الفيدرالية.

لا يتوقف الإحراج على الفريق الذي يتشكل منه محور الممانعة. فالفريق السيادي يراوح مكانه، وترشيح معوض لم يطرأ عليه أي تطور في عدد الأصوات التي يتكرر رقمها، وصفة التشرذم لازمته طوال الجلسات الـ11 من دون جذب أصوات «التغييريين»، أو المستقلين والوسطيين الذين لا يطرحون أي خيار بديل سواء لمعوض، أو للورقة البيضاء أو لفرنجية، وباتوا بدورهم يحتاجون مثل الفريق الممانع إلى القيام بمبادرة ما ألمح إليها معوض نفسه، من دون بلورة مضمونها الفعلي.

تُلامس تفاعلات تعطيل انتخاب الرئيس الجديد، بالتزامن مع المزيد من التدهور المخيف للوضع المعيشي، درجة من الخطورة. إضافة إلى الاحتقان المسيحي، أطلق اعتصام النواب «التغييريين» في البرلمان صرخة مدوية، تهدف إلى إبقاء الجلسات مفتوحة حتى يصدر الدخان الأبيض. وهذه سابقة في العمل البرلماني تحرج رئيسه نبيه بري وحليفه «الحزب». ولوّح «الحزب التقدمي الاشتراكي» بالامتناع عن حضور الجلسات الممجوجة لرفضه الغرق في لعبة إضاعة الوقت، وتبعه لقاء رئيسه وليد جنبلاط مع «حزب الله».

قد يكون أثر هذه التفاعلات تحريك الخارج لدرء المخاطر السياسية والاجتماعية، على رغم القناعة العامة لدى الجميع أن أياً من الدول ليس مستعداً للانغماس في لعبة الأسماء، مع قرب اجتماع باريس المنتظر بين مسؤولين فرنسيين وأميركيين وسعوديين وقطريين، واحتمال توسيع مشاركة دول أخرى. لكن الجهد الذي تبذله باريس على هذا الصعيد ينطلق من قناعة عميقة بأن المشكلة أبعد من الفراغ الرئاسي، وهي في توفير مقومات تصحيح الوضع الاقتصادي والبنى التحتية ولا سيما الكهرباء، وفق استراتيجية كما وصفها الرئيس إيمانويل ماكرون في حديثه قبل أسابيع، من أجل تمكين أي رئيس من الإنجاز العملي، وليس مجرد ملء الفراغ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى