
كتبت: كفا عبد الصمد
تعالوا احدثكم (بالإذن من عمر الفرا)، في يوم من الأيام ارتعدت السماء، ورسمت في الافق هالة من نور على شكل وطن، وخلقت لخدمة هذه الهالة طاقة امل على شكل انسان، كان عليها ان تناضل وتعافر لتتحول الى قوة بشرية تستحق الحياة.. ومع مرور الزمن نجحت الطاقة في ان تصبح بشرا، ولكن تطورها افقدها روحانيةوجودها، وحولها الى طاقة مادية تبحث عن الكسب والكسب السريع والوفير حتى لو كان على حساب الغير، وهو حتما على حساب الغير.. دخلت الطاقة لعبة الربح ومن اول دورة على طاولة الروليت استساغت المقامرة، وحتى تطفئ عطش نفسها الدنيئة حولت المقامرة الى نمط حياة، لا تستكين روحها الا بتحقيق الربح على انقاض خسائر الغير، وبدا المشهد الذي بات مألوفا مع الوقت، مملا وبغيظا، طاقة من امل تحاول الحفاظ على ما تبقى من هذا النور، تشرب نخب انتصارها على بقايا واشلاء من كان سببا في وجودها.. كأس نبيذ معتق من دم شعب عشق الحياة لكنه فشل في عيشها، حين تحكمت برقابه مجموعة من هالات النور السوداء التي ابت ان توقف طمعها وجشعها، بل بنت قصورها على انقاض ما تبقى من هذا الكون الوطن. غانية تعرض مفاتنها للبيع في يدها خنجر يغرس حقده في قلب مريض، وعلى شفاهها قطرات نبيذ استجمعته من دماء ابرياء ماتوا بحثا عن دواء وعلاج ولقمة عيش..
هذه الصورة السوريالية لوطن علمتنا فيروز كيف نعيشه لا كيف نعيش فيه، تترك في النفوس جرحا عميقا، وتجعلنا نسأل كيف وصلنا الى هنا، لماذا ومن مصلحة من وقوفنا في اللامكان بحثا عن اللاشيء… صور لا قيمة لها تعيش على الهامش، تشحذ الموت على ابواب الحياة..
لبنان هالة من نور يحكمها السواد، غانية تقف على اعتاب الخلاص، اما الجنة او النار، اما البقاء او الرحيل، ولأننا نؤمن بانه يمهل ولا يهمل، سنبقى رافعين بيرق الامل حتى تعود لهذه الهالة رونقها، ونسترجع لبنان الذي يشبهنا، بعيدا عن خزعبلات السياسة وفساد سياسييه والحاشية المرافقة..
تعالوا احدثكم عن وطن اختصر الكون بحدوده، لا تلاحظه على خريطة العالم لكنك تعجز عن تجاهله على خريطة الحياة.. وطن النور والعلم والايمان سرقه الاوغاد والفاجرين من اهل الساسة والدين، اغتسلوا بهالته كي يكفروا عن ذنوبهم، شوهوا دمروا سرقوا، تارة باسم الوطن وطورا باسم الدين، فلم يكونوا يوما وطنيين ولا مؤمنين، دفع لبنان ثمن فجورهم وانحرافهم حتى بات يعيش خارج حدود الزمان والمكان..
لبنان يا هالة النور التي لا تنطفئ، اصبر ان ابتليتم بمعصية اصبروا فان الله مع الصابرين، ونحن قد ابلتينا بمعاص تبدأ هنا ولا تنتهي هناك، الى ان تحل علينا رحمة السماء سيبقى الوطن امنية تستحق العناء…