سلايداتمقالات

رفيق علي أحمد.. المهرج

كتبت: كفا عبد الصمد

يشكل حضور الفنان رفيق علي احمد في اي عمل تلفزيوني او سينمائي اضافة حقيقية للعمل ككل وعنصر جذب مهم على شباك التذاكر، لما يفرضه من حضور قوي وشخصية طاغية واختيار ملفت لادوار لا تليق الا به..

هو ابن المسرح، عمل به لعقود، اسس او كما يقول كان من مؤسسي المسرح المنفرد، غنى خارج السرب وجمع “الشرقية” ب”الغربية” كما درجت التصنيفات، على خشبة مسرحه، فكان الجوكر الذي عرف كيف يحاكي أوجاع المجتمع، حين طرح قصص ومشاكل وحقائق تحدث في بيتي وبيتك وبيت كل انسان.. جمع بفرادته متذوقي الفن الراقي، وقدم مسرحا نظيفا ثائرا، يبدأ بتحاره ولا ينتهي عند تجارب الآخرين.. علاقته بالمسرح علاقة وطيدة لا تختصرها الكلمات، لهذا كثيرا ما تخونه الدموع حين يستذكر حادثة حريق مسرحه، وكيف اكلت النيران شخصيات كانت تنام بين الجدران وخلف الكواليس وعلى الارض، شخصيات تقمصها بروحه قبل ان يمثلها بجسده، لانها ابنة البيئة التي جاء منها، تشبهه، وتنتمي مثله الى فئة اللبنانيين، وليس الى فئة الملبننين، والذين يضعون مصلحة الطائف وزعيم الطائفة فوق اي اعتبار..

سقراط المسرح الرحباني، والتلميذ النجيب في مدرسة نضال الاشقر، لم يتردد في اعلان وفاة الهالة المسرحية التي شغلته لعقود، بعد ان تغير مزاج الجمهور ونجحت كل العناصر في دفعه لحضور المسرح بهدف التسلية لا المعرفة، وقرر ان يبتعد عن عشقه الابدي لانه يرفض ان يكون مهرجا.. هو ليس بمهرج بل هو مسرحي عتيق وشتان الفرق بين الثرى والثريا..

يمتلك رفيق علي احمد كل مميزات النجم الحقيقي، حضوره الطاغي، ثفافته الواسعه، ايمانه الحقيقي بقدرة الفن على التغيير، ثقته بما يملك وما يمكن ان يقدمه، ورغم كل هذا وصف نفسه بالمهرج رافضا اعتلاء خشبة المسرح من جديد، لان التهريج يحتاج الى بهلوان لا الى ممثل مخضرم عتيق، يؤمن بقدسية الفن ويحمل رسائله بين اكتافه..

سواء التقيت به اما لا، احببت ادواره ام لا، يبقى صاحب الجرس ومؤسس مسرح المونودرام في لبنان حالة فنية تدرس، واذا وصف نفسه بالمهرج فهذا لاننا نعيش في سيرك تحكمه وجوه بهلوانات مقنعة، تنتقل منا من ضفة الى اخرى، توهمنا بالامان لكنها في الواقع تدخلنا بسبب خيانة مهرجيها السخفاء في لعبة تحدي الوجود والبقاء على قيد الحياة..

اذا كان رفيق علي احمد مهرجا بماذا نصف اذا اشباه الممثلين وانصاف الرجال والبشر.. نقبل بك مهرجا، لا بل نحتاج تهريجك في مثل هذه الظروف، كي نفتح طاقة نور في مستقبل مظلم، ولا نفقد الامل بغد قد يأتي لنا بما نتمناه…

ايها المهرج العظيم رفعت اللقب حين اضفته الى اسمك، فيا ليتنا كلنا مهرجين ونمتلك جزء من صدقك ووطنيك وثقافتك..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى