كتب صلاح سلام في اللواء:
في خضم السياسات الكيدية والتوغل في إستخدام أساليب النكايات لتعطيل جلسات مجلس الوزراء الإستثنائية، يكاد العام الدراسي أن يسقط في بازار المزايدات، ويخسر طلاب لبنان، الجامعيين وتلاميذ الصفوف المدرسية، سنة من عمرهم التعليمي، دون أن يرف جفن لمعرقلي تصريف الأعمال الملحة والضرورية للعباد والبلاد.
المعلمون في المدارس الرسمية والخاصة المتفرغين والمتعاقدين، وكذلك أساتذة الجامعة الوطنية، هم أصحاب حقوق طبيعية في الحصول على رواتب تؤمن لقمة العيش لعيالهم، وتكفل لهم الحياة الكريمة في زمن الإنهيارات الإقتصادية والمالية ، وتلاشي القيمة الشرائية لليرة اللبنانية.
المسؤولية أكبر من أن يتحملها وزير التربية والتعليم العالي، والأخطار المترتبة على إهمال هذا الملف، أو التلكؤ في معالجته، أو حتى محاولات توظيفه في الصراع المحتدم حول دستورية جلسات حكومة تصريف الأعمال، تزداد يوماً بعد يوم، وتداعياتها تُصيب جيلًا بكامله.
وإذا كان وزير التربية نجح في تأمين بعض المساعدات المالية لمعلمي المدارس الرسمية، من مصادر عربية ودولية، فإن أوضاع أساتذة الجامعة اللبنانية لا تقل مأساوية عن حالة المعلمين، إذا لم تكن أكبر، نظراً للفارق الكبير بين رواتب اللبنانية بالمقارنة مع الجامعات الخاصة، لا سيما الأميركية واليسوعية واللبنانية ــ الأميركية(LAU)، بالإضافة إلى وقف المساعدات الإجتماعية، وتراجع الخدمات الطبية، وتعليق مخصصات الأبحاث العلمية والأكاديمية.
وبالمقابل لا بد من الأخذ بعين الإعتبار أوضاع المدارس الخاصة، التي واقعة بين خيارين أحلاهما مرّ: زيادة رواتب المعلمين التي تفرض الذهاب للخيار الثاني والقاضي بزيادة الأقساط، في وقت يرفض أولياء التلاميذ أي إحتمال لزيادة الأقساط، في ظل التراجع المستمر في قيمة الرواتب، وضغوط الأزمة المعيشية المتصاعدة.
وبقدر ما كان لبنان حتى الأمس القريب، جامعة العرب ومدرستهم، نظراً لمستوى البرامج التعليمية والمناهج الجامعية المميزة، بقدر ما تراجعت هذه المكانة بعد التخبط الحالي الذي يُعاني منه القطاع التربوي والجامعي في وطن الأرز، وغياب الخطط الضرورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في أهم إستثمار وطني، أثبت نجاحه ردحاً من الزمن، عبر تخريج أجيال وأجيال من الشباب المتفوق في الإختصاص والأداء المهني، حيثما توجهوا في مشارق الأرض ومغاربها.