سلايداتمقالات

لقمان سليم وليندا مطر.. وجهان لوطن واحد

كتبت: كفا عبد الصمد

نعم يا سادة انه لبنان، بقعة جغرافية لا تشبه الا نفسها. تعيش فيها نوعية مختلفة من التجارب، تجعلك تغوص في جدليات عقيمة، وتسير في اقبية الظلام بحثا عن… لاشيء…

يصادف رحيل ليندا مطر الحقوقية والصوت الصارخ بوجه الظلم بعد سنتين من اغتيال لقمان سليم، الكاتب والمفكر والناشط السياسي الذي سبح عكس التيار، واسدلت الستارة على حياته بطلقة حاقدة من مسدس صامت.. توقيت يجمع بين وجهين لعملة واحدة اسمها لبنان…

غريب امرك ايها القدر، تحيك بحنكة مواعيد قاسية لتبقى راسخة في وجدان اللبناني في اي وقت واي زمان.. جمعت في زمن متقارب رحيل نموذجين حقيقين من المواطن اللبناني، الاول قاوم الظلم والتسلط والقوة المفرطة واستشهد دفاعا عن كلمته وموقفه، والثانية سلمت الروح الى خالقها بهدوء وسلام بعد ان امضت اكثر من ثمانية عقود تبحث فيها عن حق المرأة وتطالب بانصافها.. ابنة الخندق الغميق وآخر العنقود في عائلتها، بدأت انتفاضتها قبل ان تبلغ سن العشرين، يوم اجبرتها قساوة الحياة على العمل في احد المعامل، واكتشفت انها تعمل اكثر وتتقاضى اقل، تتطور اسرع ولا تترقى ابدا فقط لانها امرأة، هذا الاجحاف في حقها وحق جميع النساء البسها رداء الثورة على كل ما هو ظالم، وبدأت رسالتها في الحياة، واضاءت شموعا في مسيرتها عززت من موقع المرأة في المجتمع، ومن خلال عملها في لجنة حقوق المرأة لعقود، نجحت في كسر الصمت في الكثير من القضايا، وضعت المرأة اللبنانية على السكة الصحيحة واغمضت عينيها ورحلت..

لقمان سليم ايضا ثار وانتفض ورفض وتمنع، لكن ليس بقوة الصوت او سطوة السلاح، بل بشياكة الكلمة ورقي المعاني. ابن الجنوب رفض ان يستسلم لاي فكرة تتناقض ومبادئه، رفض الارتهان، غرد خارج السرب في بيئة فرض عليها التصفيق، آمن بالحق والمساواة والعدالة والدولة المدنية، لم تحكمه قوانين طائفية او تمنعه محظورات دينية. آمن بالفرد وحرية المعتقد كاساس لبناء مجتمع مدني متحرر.. دعا الى الشراكة والتحاور وانتهج العقل لغة للتواصل، كان اكبر من مجتمعه، فضاقت به الحياة واختاره القدر شهيدا للكلمة والرأي والموقف..

بين لقمان سليم وليندا مطر قضية وطن ارهقته رحلة البحث عن للحقوق، حقه في العيش والمساواة والاعتراض وتقبل الرأي والرأي الآخر.. وجهان لوطن واحد، عافر وتعذب وناضل حتى استقر في نفق مظلم قابل للانفجار في اي لحظة، لكنه لا زال صامدا، موجودا، حاضرا، تجتاحه عواصف كثيرة، يقع في القعر، تمحوه امواج البحر، لكنه يعود ليولد من جديد.. يتقن ثقافة الحياة فلن ينال منه الموت..

الى ليندا مطر الباحثة عن حقي وحقك وحق كل امرأة تعيش خارج حدود ما هو ملك لها، ارقدي بسلام ونامي قريرة العينين، في بلادي ناشطات تعلمن منك الكثير، حملن الشعلة وهن في الاتجاه الصحيح..

والى لقمان سليم اللغة لم تعد تسعفنا في رثاء الاقلام الحرة والافكار النيرة، ستبقى حاضرا بفكرك وكتاباتك ونهجك الذي زرعته وسيبقى صوت القلم اقوى من طلقة الرصاص…

لقمان وليندا صوت الحق في وجه الظلم… الف تحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى