تكنولوجياسلايدات

«ميتافيرس» لن يحل محل «زووم»

كتبت بارمي أولسون في الشرق الأوسط:

«أهلاً… أهلاً»، بتلك التحية أشار لي دليلي الخاص، فيليب، من مقعده في غرفة اجتماعات افتراضية؛ حيث كان يرتدي قميصاً أخضر ويجلس على مكتب. أجلس في المقر الرئيسي لشركة «Reality Labs» التابع لـ«Facebook» بمدينة في «بورلينجيم» بولاية كاليفورنيا الأميركية مرتدياً سماعة الرأس «Quest 2» الخاصة بشركة Meta Platform Inc. فيليب موجود في غرفة أخرى هناك؛ حيث تقفز شخصية «أفاتار» الخاصة به التي تشبه الرسوم المتحركة إلى مقعد آخر باستخدام زر على لوحة التحكم الافتراضية.

قال فيليب: «ربما لاحظت عندما قمت بتغيير مقعدي أن صوتي ارتفع قليلاً وكان أقرب إلى أذنك اليسرى، وكان الصوت إلى يساري أكثر من ذي قبل. فأنا أقفز إلى مقعد مختلف أيضاً».

أجبت، هذا «صحيح».

قال فيليب: «هل ترين؟… الآن تبدين بعيدة قليلاً».

هذه الحيلة الرائعة لتكنولوجيا الصوت المكاني هي جزء من العرض الذي تقدمه شركة «فيسبوك» وشركة Meta Platforms Inc لأصحاب العمل للحصول على موطئ قدم في «ميتافيرس»، العالم الافتراضي الذي يقول مارك زوكربيرغ إنه الفصل التالي من الإنترنت. ورغم أن هذا العالم سيكون بالتأكيد جزءاً من مستقبلنا، فإنه من المحتمل ألا يكون مكاناً لاجتماعات العمل.

في Horizon Workrooms، وهي غرف للتفاعل بين فرق العمل في الواقع الافتراضي، تتفاعل صورنا الرمزية ويمكنني «الكتابة» على لوحة بيضاء افتراضية، ويمكن لفيليب مشاركة شاشته لعمل عرض تقديمي باستخدام برنامج «باوروبوينت». ويمكنني أيضاً تغيير بيئتنا لتصبح مقصورة بجوار بحيرة، وهناك مساحة فارغة على الحائط؛ حيث يمكنني وضع شعار الشركة. ويمكنني الخروج من مقعدي و«الوقوف» بجانب السبورة البيضاء.

بحسب فيليب، هذا أمر مهم لأنه إذا كنت أقف في المقدمة، فسيشعر الجميع وكأنهم وسط الجمهور، ولذلك «فهو يساعد في الاندماج».

إن مفهومه المجرد عن الاندماج يُعد نقطة ترويج رئيسية. وقد تساءل إدي إيجاي، الذي بدأ مؤخراً في قيادة جهد للترويج لتقنية غرفة المؤتمرات الافتراضية لأصحاب العمل: «كيف نساعد الشركات على تحقيق حضور غامر، بغض النظر عن مكان وجودك؟»، وكرر كلمة «غامر» ثماني مرات أخرى في محادثتنا التي استمرت 30 دقيقة.

ولدى سؤالي عما إذا كان فريقه يستخدم «Workroom»، أو غرفة العمل، قال إيجاي إنهم يتنقلون إليها بين الحين والآخر لأنها أكثر فاعلية من «زووم»، لأن إنشاء المستندات وعرضها في الواقع الافتراضي «يخلق تجربة غامرة وجذابة أكثر من غيرها». قالها من دون الخوض في التفاصيل.

بعد العرض التوضيحي والمحادثة مع إيجاي، سعيت لأرى كيف أن الاندماج مع زملائي سيكون أكثر فائدة من مكالمة فيديو عادية. في البداية، كانت سماعة الرأس ثقيلة، وتكبير الصوت أدى إلى ارتعاش معدتي قليلاً. قال أحد ممثلي «فيسبوك» إنهم كانوا ينزعون سماعات الرأس كل 30 دقيقة في اجتماعاتهم الأسبوعية لإراحة أعينهم ورؤوسهم، ذلك لأن الاندماج له حدود.

في الحقيقة، لا تلتقي العديد من شركات الواقع الافتراضي في اجتماعات العمل في الواقع الافتراضي، بحسب مارشال موشر، الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبتيغو» الناشئة التي تعمل في مجال الواقع الافتراضي. إنهم يفضلون منصة «زووم»، أو حتى المكالمات الهاتفية القديمة. ويبدو أن القيمة الحقيقية للواقع الافتراضي لأصحاب العمل تستخدمه لإقامة علاقات أقوى من خلال المرح والألعاب أو التدريب.

ممثلو «فيسبوك» لم يخبروني بأسماء الشركات التي تستخدم خواص Horizon» Workrooms» حالياً، لكنهم ذكروا شركة «Accenture Plc» الاستشارية، وشركة الأدوية AstraZeneca Plc كأمثلة عن كيفية عقد اجتماعات الواقع الافتراضي.

وقد أبلغتني شركة «Accenture» أنها اشترت 60 ألف سماعة رأس ماركة «Quest 2» العام الماضي، لكنها لم تكن تستخدم Horizon Workrooms لعقد الاجتماعات، وبدلاً من ذلك، استخدم الموظفون الجدد تطبيقاً من شركة «مايكروسوفت» يسمى «AltSpace VR»؛ حيث يتجهون إلى المباني الافتراضية لتوجيه الموظفين الجدد وتدريبهم، فيما رفضت شركة «أسترازينيكا» التعليق.

كما اشترى «بنك أوف أميركا كورب» مؤخراً 4 آلاف سماعة رأس للواقع الافتراضي البديل بغرض تدريب موظفيه. ويبحث البنك عن طرق يمكنه من خلالها استخدام الواقع الافتراضي للاجتماعات، لكنه قال إنه يتعين عليه أيضاً النظر في مشكلات مثل أمان الشبكة وتجربة المستخدم. غير أن مايك وين، المدير التنفيذي للابتكار في شركة «BoA»، علق قائلاً: «لا نريد أن نفعل ذلك لمجرد أننا نستطيع».

فغالباً ما تدرك الشركات التي تشتري سماعات رأس الواقع الافتراضي للاجتماعات أنها أكثر فائدة للفعاليات الداخلية والتدريب، وفقاً لمارشال موشير.

يتعامل «فيسبوك» مع العلاقة الحساسة بين صاحب العمل والموظف، التي زادت توتراً بسبب تنامي ظاهرة العمل «أونلاين». فأرباب العمل يسعون لتحسين إدارة الموظفين عن بُعد، بَعد أن باتوا يشعرون بالوحدة والعزلة. وبينما تقدم هذه المشكلة نفسها كفرصة، فإن «فيسبوك» يواجه تحدياً فريداً في استهداف المؤسسة.

بالفعل، منذ عام 2016، كان «فيسبوك» يبيع منصات «Workplace»، وهو إصدار من تطبيقات Facebook ينافس «Microsoft Teams» و«Slack»، يستخدمه الموظفون في أماكن تجارية مثل «Starbucks Corp» و«Walmart Inc»، وتستخدمه كذلك حكومة سنغافورة في المحادثات الجماعية ومؤتمرات الفيديو ومشاركة روابط الأخبار. لكن في غضون ست سنوات، جمعت منصة Workplace فقط 7 ملايين مستخدم مدفوع الأجر. لا يزال هذا الرقم أقل بكثير من 270 مليون مستخدم في «Microsoft Teams» كل شهر، أو 20 مليون مستخدم في «Slack»، وفقاً لتقديرات موقع «Business of Apps» المعني بأخبار التطبيقات، وتعتمد المنصات الثلاث على الاشتراكات المدفوعة مقدماً.

الخلاصة، لن يؤدي استنساخ غرفة الاجتماعات في الواقع الافتراضي إلى زيادة فاعلية التعاون، كما أن تكرار الإحساس بالوجود في غرفة مع زملائك هو حل سطحي لعزل الموظفين. لذلك، من الأفضل للشركات التي لديها موظفون عن بُعد عقد اجتماعات ربع سنوية خارج الإنترنت؛ حيث يمكن لموظفيها الالتقاء وجهاً لوجه على مدار أيام قليلة من أجل المتعة والتعاون في العالم الحقيقي. يمكنهم أيضاً الاستمتاع بمغامرة واقع افتراضي ممتعة معاً، مثل تسلق جبل إيفرست.

أخيراً، هناك الحدث الأهم: وهو أن سمعة «فيسبوك» غير مستقرة فيما يتعلق بالخصوصية والضرر الاجتماعي، وفقاً لتقرير نشرة «TechCrunch» الصادر في يناير (كانون الثاني)؛ حيث قامت منصة «Workplace» التابعة لشركة «Meta» مؤخراً بالتعاقد مع سلسلة مطاعم كبيرة كعميل، ولكن طُلب منها عدم الإعلان عن الصفقة، نظراً لأنهم قلقون بشأن «مشكلات السمعة».

وقد يعوق ذلك جهود مؤسسة «فيسبوك» في الواقع الافتراضي أيضاً؛ حيث يقول مارشال موشر إن بعض أصحاب العمل لا يريدون إجبار موظفيهم على استخدام أو فتح حساب على «فيسبوك»، لأن ما يحتاجون إليه هو «Oculus»، مستشهدين بالمحادثات السابقة مع العملاء الذين قالوا إنهم لم يشعروا بالارتياح لتدفق بيانات الشركة عبر «فيسبوك».

اختتم موشر حديثه قائلاً: «أعلم أن (فيسبوك) قد طمأن كل من يعمل معه أن الخصوصية قوية للغاية. لكن الناس لا يفكرون بهذه الطريقة عندما يتعلق الأمر بعلامة (فيسبوك) التجارية». قد يكون التخلص من هذه السمعة السيئة أصعب من إقناع أصحاب العمل باستبدال منصة «زووم» الخاصة بهم ليحل محلها تجربة الواقع الافتراضي، مهما كانت «غامرة».

 

– بالاتفاق مع «بلومبرغ»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى