كتب وجدي العريضي في النهار:
تضج الساحة السياسية مجددا بالحديث عن اتفاق الطائف ولا سيما ان السفير السعودي وليد بخاري استشهد بموقف لرئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني “أبو الطائف”، عندما غرّد كاتباً: “اتفاق الطائف غير صالح للانتقاء وغير قابل للتجزئة”، في حين أنه وبعد زيارة السفير بخاري الى دارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى كليمنصو تحدث رئيس الحزب عن الطائف مشدداً على أهميته، والأمر عينه انسحب على معظم القوى السياسية والحزبية.
أما اللافت، ما تضمنه البيان السعودي الأميركي الفرنسي وحيث سبق ل “النهار”، منذ أيام أن أشارت الى انعقاده على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، اذ شدّد البيان المذكور على أهمية الالتزام باتفاق الطائف الذي يحفظ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان.
أما السؤال المطروح، وفي خضم الحديث اليومي عن الطائف الذي هو الدستور في آن والذي جاء بجهد سعودي ودولي واقليمي وأوقف الحرب الأهلية في لبنان، فمن يؤخر تنفيذه أليست كل القوى السياسية والطائفية مجتمعة؟
في السياق، تشير مصادر سياسية خبيرة واكبت هذا الاتفاق الى أن أكثر من معطى داخلي واقليمي ساهم في عدم تنفيذ هذا الاتفاق بما في ذلك قوى سياسية وحزبية محلية ولعل أبرز الأسباب في هذا الإطار تعود الى أيام ترويكا التي طبعت الحياة السياسية في لبنان ما بعد ولادة الطائف والتي تمثلت في عهد الرئيس الياس الهراوي بالثلاثي حينذاك، الهراوي والرئيسين نبيه بري والشهيد رفيق الحريري، والتي جاءت بعد حرب العراق لدى مشاركة سوريا الى جانب الحلفاء فكان أن تمت مكافأتها أميركياً للمرة الثانية على التوالي بعد الضوء الأخضر من واشنطن العام 1976، اذ أمسكت بالورقة اللبنانية وبكل مفاصل البلد، فركّبت الترويكا وهذا “الاختراع” حال دون الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني، حتى أن أحزاباً علمانية كالحزب السوري القومي الاجتماعي أحجمت عن الدعوة لتنفيذ بند الغاء الطائفية السياسية الوارد بالطائف بفعل تحالفه مع دمشق ولاحقاً لعدم ازعاج مكون مسيحي أساسي أي التيار الوطني الحر، من خلال تحالفه وحزب الله. لذا مسؤولية عدم تنفيذ الطائف مشتركة من كل القوى السياسية وتحديداً أمراء الحرب والأحزاب الذين دخلوا جنة الحكومات المتتالية فشرعوا بالفساد والارتكابات وانقلبوا على شعارات أحزابهم والطائف .
وتردف مشيرة، الى أن الحديث المتنامي عن الطائف في هذا التوقيت بالذات يحمل أكثر من رسالة ودلالة، ولا سيما من قوى سياسية لبنانية وخارجية وتحديداً ما ورد في البيان الأميركي السعودي الفرنسي، والذي جاء على أعلى المستويات الدولية والعربية ما يشي بخطر داهم، بمعنى ثمة ما يُطبخ ايرانياً لمؤتمر تأسيسي عبر الحليف الأبرز لطهران اي حزب الله أو ما يسمى بالمثالثة، الأمر الذي يدعو اليه أكثر من حزب وطرف سياسي موالٍ له، وثمة معلومات بأن ذلك بُحث في لقاءات جرت بين ديبلوماسي فرنسي وقيادة الحزب الا أن تفاعل العلاقة بين باريس والرياض أعاد تصويب البوصلة وخفف من اندفاع فرنسا باتجاه حزب الله وتحديداً ما يمس الطائف والدلالة البيان الثلاثي الذي صدر مؤخراً من نيويورك.
أما على خط التذرع بأن الطائف قلص صلاحيات رئيس الجمهورية وذلك ما يأخذه التيار الوطني الحر بعد فشل العهد في الست سنوات الماضية، فيقول أحد أبرز الذين واكبوا الطائف، بأن هناك رأيا سائدا لدى اللبنانيين ولا سيما المسيحيين منهم بعد تجربة أربعة عهود رئاسية، أن مركز رئاسة الجمهورية قد خسر أهميته وأصبح موقعاً ثانوياً فاقد الوزن والصلاحيات، والدافع الى هذا الرأي هو المقاربة بين الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية قبل اتفاق الطائف التي لم يتمكن أي رئيس من ممارستها والصلاحيات التي حددها ميثاق الطائف لرئاسة الجمهورية، والتي لم يشأ أي من رؤساء الجمهورية المتعاقبين الاضطلاع بمسؤولياتها الحقيقية وهذا الرأي خاطئ من الأساس ولا يمت الى الحقيقة بأي صلة، لأن مركز الرئاسة لم يفقد أهميته عدا عن أن الميثاق لم يخصص هذا الموقع أو أي موقع سواه في السلطات الدستورية للطائفة المارونية أو لأي من الطوائف والمذاهب.
من هنا، السؤال تخلص المصادر، هل ثمة ما ينبئ بأن الطائف في خطر، ذلك ما عبّرت عنه تغريدة السفير بخاري والأمر عينه لمواقف مرجعيات سياسية وروحية، ويرتقب وفق المعلومات أن يتضمن بيان دار الفتوى في اللقاء الموسع كلاماً عن الطائف دون اغفال الدور المسيحي لدعم هذا الاتفاق مع التذكير بالمواقف التي اتخذت في أحلك الظروف في حقبة أواخر الثمانينات وتحديداً القوات اللبنانية والبطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير، وحيث بكركي اليوم وكل المرجعيات السياسية والروحية الى جانب هذا الاتفاق حفاظاً على السلم الأهلي وعدم الذهاب الى المؤتمر التأسيسي.