على قاعدة وجود موازنة أفضل من عدمه، خلصت مناقشات الموازنة العامة للعام الجاري إلى إقرارها بأكثرية “النصف ناقصاً واحداً” مع تصويت 63 نائباً لصالحها مقابل معارضة 37 نائباً وامتناع 7 نواب، ليتقدّم صفوف المعترضين تكتل “الجمهورية القوية” وكتلة “الكتائب” ونواب التغيير مع عدد من النواب المستقلين، مقابل تصدّر نواب تكتل “لبنان القوي” صفوف المصوّتين إلى جانب “حزب الله” و”حركة أمل” وحلفائهما بالإضافة إلى “اللقاء الديمقراطي” لمصلحة تمرير موازنة “علي حسن خليل” كما سمّتها مصادر نيابية، بوصفه “وزير مالية” الظل الذي غطى على ارتباك وزير المالية الفعلي فاستبسل بشكل فاقع في الهيئة العامة لشرح موادها وتوضيح الالتباسات فيها، ما دفع حتى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى ممازحة النواب بالقول عن خليل داخل القاعة: “هذا هو وزير المالية”، بحسب “نداء الوطن”.
وتحت تأثير الضياع الطاغي على تقدير الحكومة لأرقام النفقات والواردات، وهو ما انعكس استمراراً في تعديل الأرقام حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت إقرار مشروع الموازنة “لزوم” تنظيم دفتر حسابات التفليسة، رسا العجز عند مستوى بلغ نحو 11ألف مليار ليرة بواقع الفارق بين نحو 41 ألف مليار للنفقات ونحو 30 ألف مليار للإيرادات، وسط إبداء ميقاتي تعويله الصريح على أن يبادر صندوق النقد الدولي إلى تمويل العجز في حال تم التوصل إلى الاتفاق معه… وإلا فإنّ تغطية هذا العجز ستكون من خلال “طبع العملة وزيادة التضخم”.
وإذ بيّنت أرقام الواردات احتساب الدولار الجمركي على أساس تسعيرة 15 ألف ليرة، أقرت الموازنة زيادة رواتب موظفي القطاع العام من المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين وكافة الأجراء في الدولة بنسبة الضعفين على أساس الراتب بشكل لا تقل معه الزيادة عن خمسة ملايين ليرة ولا تزيد عن 12 مليون ليرة، لكن على ألا تُحتسب في تعويضات نهاية الخدمة أو المعاش التقاعدي، خصوصاً وأنّ إقرار الموازنة تم تحت وطأة احتدام المواجهات في ساحة النجمة بالتزامن مع انعقاد الهيئة العامة بين العسكريين المتقاعدين وعسكريي الخدمة الفعلية، بعدما وضعتهم السلطة على تماس مباشر في وجه بعضهم البعض إثر طلب حرس المجلس النيابي مؤازرة الجيش والقوى الأمنية للتصدي للمتقاعدين من أبناء السلك العسكري ومنع تقدمهم باتجاه مبنى المجلس.