اتجهت أنظار العالم نحو جائحة كورونا ومسببات المرض وطرق الوقاية منه، إلا أن دعوات جديدة تطالب بالتركيز أكثر على التبعات التي خلفها الفيروس التاجي بعد أشهر من التقاط العدوى.
وقدمت دراسة جديدة واسعة أجريت على 100 ألف مشارك، دليلا جديدا على أن العديد من الذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد لم يتعافوا تماما لأشهر طويلة، في وقت حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من تداعيات الآثار المدمرة لكوفيد طويل الأمد، والتي تتسبب في معاناة طويلة “لعشرات الملايين من الناس”.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن المنظمة قدرت أن ما بين عشرة إلى 20 في المئة من الناجين من كوفيد، أصبحوا يعانون من أعراض متوسطة وطويلة الأجل مثل التعب وضيق التنفس والخلل الإدراكي، مشيرا إلى أن النساء كانت أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة.
وذكرت الدراسة الجديدة التي نشرت، الأربعاء، في مجلة “نيتشر” الطبية، إلى أن العديد من المصابين بكورونا يعانون من آثار المرض حتى بعد مرور أشهر عديدة على التقاط العدوى.
وتابعت الدراسة مجموعة سكانية إسكتلندية من 33 ألف إصابة مؤكدة لكورونا، و73 ألفا آخرين لم يصابوا مطلقا من خلال استبيانات لمدة ستة و12 و18 شهرا، وربطها بسجلات الاستشفاء والوفاة.
وباستخدام سجلات الخدمة الصحية الوطنية، أرسل الباحثون رسالة نصية إلى كل شخص بالغ كان لديه اختبار “بي سي آر” إيجابي، بالإضافة إلى مجموعة من الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس لدعوتهم للمشاركة في الاستبيان. أولئك الذين اختاروا المشاركة أجابوا على أسئلة الاستطلاع عبر الإنترنت حول صحتهم قبل الإصابة وبعدها.
ومن بين 31 ألفا و486 إصابة مصحوبة بأعراض، لم يتعاف ألف و856 شخصا (ستة في المئة)، بينما تعافى 13 ألف و350 (42 في المئة جزئيا فقط).
وقالت أستاذة الصحة العامة في جامعة غلاسكو، جيل بيل، التي قادت فريق البحث، إن “الدراسة كشفت عن التأثير الواسع النطاق لكوفيد طويل الأمد على حياة الناس”، مشيرة إلى أن التداعيات تتجاوز الصحة إلى جودة الحياة والتوظيف والتعليم والقدرة على الاعتناء بالنفس”.
واعتبر مدير ابتكار إعادة التأهيل لنظام ماونت سيناي الصحي في نيويورك، ديفيد بوترينو، أن الدراسة أجريت بشكل جيد على مستوى السكان، مشيرا إلى أنها “تظهر أننا يجب أن نكون قلقين للغاية بشأن الأعداد الحالية من الإصابات الحادة”، محذرا: “نحن في مشكلة”، بحسب ما نقلت عنه صحيفة “واشنطن بوست”.
ووفقا للصحيفة، فإن ما بين سبعة إلى 23 مليون أميركي في الولايات المتحدة يعانون من الآثار الطويلة جراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد، مشيرة إلى أن منهم مليون شخص لم يعد بإمكانهم العمل، وفقا لتقديرات الحكومة.
وأضافت أنه “من المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام مع تحول كوفيد إلى مرض متوطن”.
في الدراسة الإسكتلندية، تضمنت 24 من الأعراض التي استمرت لفترة طويلة بعد الإصابة، كان أكثرها شيوعا ضيق التنفس وخفقان القلب وآلام الصدر.
كان الجانب الإيجابي في الدراسة، أنها أكدت أن التطعيم ارتبط بتقليل خطر الإصابة ببعض الأعراض.
ووجدت الدراسة أن خطر الإصابة بكوفيد طويل الأمد، كان أكبر بين النساء وكبار السن وأولئك الذين يعيشون في المجتمعات المحرومة اقتصاديا.
كما أن الأشخاص الذين عانوا بالفعل من مشاكل صحية جسدية وعقلية، مثل أمراض الجهاز التنفسي والاكتئاب، كانوا أيضا أكثر عرضة للإصابة بالفيروس لفترات طويلة.
من جانبه، اعتبر مدير منظمة الصحة العالمية، في مقابلة مع صحيفة “الغارديان”، نشرت الأربعاء، أنه “في حين أن الوباء قد تغير بشكل كبير بسبب إدخال العديد من الأدوات المنقذة للحياة، وهناك ضوء في نهاية النفق، فإن تأثير “كوفيد طويل الأمد”، على جميع البلدان خطير للغاية ويحتاج إلى إجراءات فورية ومستدامة”.
وأعرب غيبريسوس، عن مخاوفه “بسبب مواجهة المصابين بكورونا في العديد من البلدان فترات انتظار طويلة ومحبطة” للحصول على الدعم أو التوجيه.
ودعا الدول إلى توفير الوصول الفوري إلى اللقاحات المضادة للفيروسات للمرضى المعرضين لخطر الإصابة بأمراض خطيرة، والاستثمار في البحث، ودعم الصحة البدنية والعقلية للمرضى، وضمان الدعم المالي، والوصول العادل إلى اختبارات كورونا واللقاحات.