كتب منير الربيع في المدن:
إنها المعركة التي لن يرضى ميشال عون أن تُلوى ذراعه فيها. هي آخر معركة له في ولايته الرئيس، على الرغم من التأكيدات بأن المعارك ما بعدها لن تتوقف بل ستعنف. في مثل هذه الحالات يذهب “الجنرال” إلى نهايات المعارك، ولو اقتضى ذلك خراب البصرة.
يركّز عون معركته على ملف تشكيل الحكومة. ينظر إليها بأنها أم المعارك مع كل خصومه، خصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وغيرهم من إدارات ومؤسسات ومجالس. لا يبدو الرجل مستعداً للتنازل بأي شكل، هو يقول للجميع: “إما حكومة بشروطي أو لا حكومة، ولست مستعداً للتنازل في الأيام القليلة المتبقية من ولايتي عن ما لم أتنازل عنه طوال العهد”.
الثلث المعطّل
من المؤكد أن الرجل لن يتنازل عن تغيير الوزراء واستبدالهم بآخرين أكثر ولاءً، ولن يتنازل عن معادلة الثلث المعطل. ما يُقال من قبل المحسوبين عليه تجاه نجيب ميقاتي لا يترك مجالاً للصلح. إذ يعتبر المقربون من عون إن ميقاتي هو الذي أتاح لرئيس الجمهورية التحكم بمفاصل آلية تشكيل الحكومة، منذ سعيه لتولي رئاستها أيام تكليف سعد الحريري وصولاً إلى ما بعد نضوج فكرة تأليفها. لكن ما تستغربه مصادر عون قدرة ميقاتي على استمالة عدد من الوزراء، عبر إقناعهم بأن العهد سينتهي، وبالتالي عليهم التفكير في مصالحهم ومستقبلهم. هذه القاعدة لا يريد عون لها أن تتكرر، ولذلك يبدو متشبثاً ومتمسكاً إلى أقصى الحدود، خصوصاً أنه يستند على توقيعه الذي سيكون ملزماً لتمرير التشكيلة الحكومية.. أو على ميقاتي وبرّي تحمّل مسؤولية الفراغين، الرئاسي والحكومي. يعلم عون أنه في هذه الحالة سيصبح مجلس النواب هو صاحب السلطة العليا في تفسير الدستور، بينما هو سيلجأ ربما إلى توقيع مرسوم يقضي بإقالة الحكومة من تصريف الأعمال، ويمنع وزراءها من التوقيع على أي مرسوم أو قرار.
خيارات ميقاتي
بناء عليه، سيكون ميقاتي أمام خيار من اثنين، إما أن يكون مجبراً على التنازل في الأيام الأخيرة المتبقية من الولاية الرئاسية، وبالتالي التخلي عن بعض الشروط والحصص والوزراء، فيقوم بتوليفة يكون من خلالها قادراً على تسيير اللعبة وفق قواعده، من خلال محاولات استمالتهم. أو أنه سيكون أمام خيار الاستمرار على موقفه، ما سيدفع عون بعد انتهاء ولايته الرئاسية إلى تصعيد معركته السياسية ضده. وبحال نجح ميقاتي بالتشكيل فهو لن يدعو إلى جلسة قبل انتهاء ولاية الرئيس.
في المقابل هناك من يعتبر أن ميقاتي لن يسعى إلى تشكيل الحكومة، لأن شروط عون ستكون قاسية جداً، وسيكون عون وباسيل قادرين على التحكم بها. كما أن حزب الله لن يكون مستعداً للوقوف بوجه التيار الوطني الحرّ ووزرائه، وهذا ما سيعطي التيار دفعاً قوياً في مواجهة ميقاتي. لا سيما أن حزب الله اليوم أقوى مما كان عليه قبل الترسيم، وهو لن يتخلى عن حليفه المسيحي كرمى لأي حليف آخر. وقد يكون ثمن الوقوف إلى جانب التيار في معركة الحكومة له أثمان أخرى ترتبط بالاستحقاق الرئاسي، وبالوصول مع جبران باسيل إلى صيغ حول شخصيات توافقية، يتم من خلالها تمرير الاستحقاق عندما يحين موعده، فيما يكون لباسيل كل الدعم السياسي طوال فترة العهد وما يليه.