ثقافاتسلايداتلبنانيات

“البواحير” تقليد ينتزع مكانة الأرصاد الجوية في لبنان

بالنسبة إلى خبراء الطقس الذين يتوخون العلم لمعرفة الأحوال الجويّة، لا يمكن “التوقع”، وإصابة الحقيقة، إلا لأربعة أو خمسة أيام. إلا أنّ القرويين اعتادوا أن يتنبأوا بما ستحمله فصول العام وأشهره من حرّ وبرد، عبر حسابات يجرونها في أيلول. إنها البواحير، والتي لا تزال حاضرة، وإن بوتيرة أخفّ من الماضي، في عصر الانترنت

فما هي “البواحير”؟: تُسمّى بالصليبيات لأنّ حساباتها تبدأ من عيد الصليب في الرابع عشر من أيلول، ويُطلق عليها أيضا ً إسم البواحير إنطلاقا ً من التبحّر في أحوال الطقس المرتقبة شهريا ً.

البواحير الغربية  أي تِبعا ً للكنيسة الغربية تمتد من 14 أيلول حتى 26 منه ويُحسب كل يوم ٍ عن شهر ٍ من الأشهر الإثني عشر، فيما الشرقية تبدأ من السابع والعشرين من أيلول حتى العاشر من تشرين الأول.
يسمح هذا التقليد المتّبع في القرى والذي إضمحّل بعض الشيء بمتابعة يومية عن كل شهر من الأشهر التالية ، فيوم 15 أيلول يدل على حالة طقس تشرين الأول و16 أيلول لطقس تشرين الثاني وهكذا دواليك. تتم مراقبة حركة الغيوم ونسبة الرطوبة وحرارة الطقس وظهور الشمس والرياح والأمطار في حال سقوطها، والبعض يُقسم ذلك بحسب الساعات ، فأوّل ست ساعات هي للأسبوع الأول من الشهر والساعات الست الثانية للأسبوع الثاني ، إلخ…
كما أنّ بعض المزارعين يضع ورقة تين خضراء كلّ يوم بعد عيد الصليب وتُحسب حالة كلّ ورقة  ليوم كامل عن شهر، أي إذا ما يبست أو ترطّبت أو ظهرت عليها نقاط الندى…
تبقى البواحير تقليدا ً، قد تصحّ توقعاتها أحيانا ً وأحيانا ً لا ، إنما الأحوال الجوية وتوقعاتها تبقى علما ً ومتابعة ً لا أكثر.

و يقول الأب إيلي خنيصر خبير البواحير الذي يهتم بشؤون الطقس بالطريقة العلمية،“ليس بالضرورة أن أؤمن بها، لكنني أحبّ المحافظة عليها، ولا سيما أن أسلافنا اعتمدوها قبل وجود الأقمار الصناعية والتحليلات المناخية، وغالبا ما كانت تصيب”.

ولا يعتمد الأب خنيصر طريقة واحدة في قراءته المناخية، بل يلجأ إلى الطريقة الأكثر شيوعا لدى أجداده وهي وضع الملح الخشن على ورق التين، ويعمل في الوقت نفسه على أسلوب آخر يتوّخى مراقبة أقسام النهار الأربعة (أي كلّ ستّ ساعات)، بكلّ ما تحمله ساعات اليوم من تغيرات وتقلبات، ومن دون إغفال أي عامل.

ويقول “على الدراسة أن تكون شاملة بحيث تلحظ الرياح والشمس والغيوم والضباب والرطوبة ومدى الضغط الجوّي. ففي الكثير من الأحيان، لا يكون عامل تساقط المطر أو عدمه المؤشر القاطع والأكيد عن حال طقس ماطر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى