سلايداتمقالات

الموريكس دور… لا يخاطب المزاج اللبناني

كتبت: كفا عبد الصمد
وسط الظلمة، وفي لحظة السقوط المدوي، شق الأمل طريقه إلى قلوب العالم العربي، فصل بخيوط من التفاؤل محاولة خجولة لاستنهاض الماضي، والعودة خطوات إلى الوراء، نستذكر فيها يوم كان لبنان منارة الشرق، وقبلة الفن والنجاح والعظمة.. جاءت احتفالية الموريكس دور متوجة بجمال الصورة والمضمون، وأعادت إلى الأذهان نجوما تميزوا هذا العام وآخرين غابوا وكرمت أرواحهم، تناوب على المسرح العديد من نجوم الفن اللبناني والعربي، بعضهم كرم وبعضهم تكرم، والجميع قال كلمة حق في هذا الوطن الجريح، تمنوا له الشفاء، وزرعوا بذور الأمل في نفوس الحضور، ضحكوا من الوضع، وطمأنوا ذواتهم التائهة خارج حدود هذا الوطن، بأن طائر الفنيق لا يموت، يقع لكنه عصي عن الرحيل، يعرف كيف ينفض جناحيه وينطلق من جديد..
قد يكون هذا صحيح، وإلى حد كبير هو الأمل المتبقي لنا، نرتوي من كلماته كي نتمكن من الإستمرار، لكن وسط هذه الضوضاء، لم يأخذ الحفل حيزا” من الإهتمام الذي إعتاد عليه منذ 22 سنة يوم بدأ.. كنا ننتظره، ونتشوق لمتابعته، نتهامس عن كواليسه، ونشغل سهراتنا بالجوائز ومقدميها ومن إستحقها، كنا نأخذ دور الحكام أيضا، ونفرح لوجود باقة من النجوم في ضيافة كازينو لبنان وفي أحضان بيروت، لكن هذه السنة جمالية الإحتفال لم تمحو طعم المرارة في حلق كل لبناني، وكأنه لم يعد هناك مكانا لمثل هذه الإحتفاليات في حياتنا، تشغلنا أمور أكثر أهمية، بين رغيف الخبز والفنان المكرم، نختار رغيف الخبز، ورغم دعوات جميع من شارك بحفل “إنهض يا لبنان”، كل هذا لم يغير من مزاج اللبناني ولم يشعره إلا بمزيد من الألم والحزن على ماض أضاعه ومستقبل باعه..

سكت الحفل، انطفأت الأضواء، وعاد المكرمون مع جوائزهم إلى حياتهم الخاصة، وعاد اللبناني الذي تسمر أمام شاشة التلفزيون يحاول التقاط بقايا صورة لوطن كان يوما وطنا..
لم يحاكي الموريكس دور وجع اللبناني، ولم يخفف عنه، كما جرت العادة، كنا نهرب إلى مثل هذه الإحتفالات حتى في أحلك الظروف كي نغرف من الأمل باقة ونحملها في جناز هذا الوطن، تعيد إليه الحياة وتعيدنا إلى خارطة الوجود، لكن هذة المرة لم نقوى على حمل الباقة، لم نعد نملك ثمنها، ولم نعد نقوى على الإستقواء، ضعفنا بل أنهكنا الضعف حتى بلغنا القعر، ولا أعرف متى وكيف سنقوم من جديد، ولم نعد نملك الثقة أننا قادرون أصلا على النهوض، وصلنا إلى الحضيض، ودفعنا أثمان فشلنا في رد الجميل لهذا البلد الذي أمعنا في خيانته حتى تخلى عنا وتركنا نواجه مصيرنا من دون صلاته ولا شفيعته.
عذرا موريكس دور وعذرا الأخوين حلو، رغم إيمانكم بلبنان، ورغم تعبكم في إبراز الوجه الجميل لهذا البلد المنكوب، غير أننا فقدنا الطاقة لنقاوم الفساد والبطش والكذب، تصرون على أننا حقيقة ولكننا إستسلمنا على أننا مجرد وهم، لحن رحباني في سهرة فيروزية، وموال لا ينتهي لصباح ووديع، وحلم لا يعرف الحدود في موسيقى فيلمون، نحن مجرد حنين، ووقوف على الأطلال.. فقدنا كل هذا وأكثر يوم سلمنا رقابنا لمن إمتهن فن إذلالنا، في الوقت الذي تمتهنون فيه فن الإرتقاء بنا نحو الأعلى…
وسط هذه الظلمة بصيص الأمل ضروري لكن الأمل في أن يوصلنا إلى خاتمة مرضية بات ضئيل.. عذرا ربما عجزنا عن عيش نجاحكم في لحظات موتنا البطيء..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى