سلايداتمقالات

ورثة العهد – الإفقار وتعديل النظام الحرّ

كتب مروان إسكندر في النهار:

خطاب الرئيس بمناسبة قرب انتهاء ولايته أراد أن يوحي بأن المستقبل زاهر خاصة بعد إنجاز اتفاق #ترسيم الحدود البحرية استناداً الى الخط الافتراضي الرقم 23 مع تعديل بسيط يمكّن لبنان من استغلال طاقة حقل قانا الذي يمتد جزء بسيط منه خارج الخط المستقيم. وقال الرئيس إن توقيع الاتفاق يعود الى مبادرة قام بها النائب الحالي والوزير السابق #جبران باسيل.

 

إن الواقع المدوّن، الذي أشرنا إليه، واضح من صفحتين في كتاب أنجزه فؤاد السنيورة عن مالية الدولة ونُشر عام 2022، والكتاب يبيّن بوضوح أن إقرار الخط 23 كان من قبل حكومة شارك في عضويتها “حزب الله” وحركة أمل بعد إنجاز اتفاق الدوحة عقب أحداث عام 2008، ومن ثم يبين الكتاب أن تبليغ الأمم المتحدة تم عام 2010 من قبل حكومة كان يرأسها سعد الحريري، فلا مجال لمصادرة إنجازات الآخرين في نهاية عهد فشل على جميع الأصعدة.

عائدات الهواتف الخليوية، تدنّت من مليارَي دولار سنوياً الى مليار دولار بعد تولّي وزير الاتّصالات نقولا صحناوي شؤون الوزارة وتوظيفه 500 ما بين موظفين عاديين وفنّيين، الأمر الذي رفع أكلاف تشغيل خدمات الخليوي والإنترنت بـ1000 مليون دولار سنوياً.

 

عام 2013 حينما تولّى جبران باسيل شؤون وزارة الطاقة رفض عرضاً من الصندوق الكويتي بتمويل إنشاء مصنعين لإنتاج الكهرباء بطاقة 3000 ميغاواط، ومانع الوزير إعطاء الطرف الكويتي صلاحية الإشراف على شراء معدات الانتاج، تركيبها وتشغيلها. وكان وراء رفض الوزير تخصيصه في ذلك التاريخ ما يعادل 1.2 مليار دولار لزيادة الطاقة، أنفق غالبية المبلغ على نشاطات بسيطة وتجهيزات غير أساسية، وتعاقد على إنجاز معمل بطاقة 450 ميغاواط مع شركة قبرصية – يونانية ولم ينفذ هذا العقد حيث وقع خلاف حول استحقاق ضريبة القيمة المضافة أم لا، والواقع أنها لو استحقت لكانت دفعت من وزارة الطاقة لحساب وزارة المالية دون نقصان في موارد الدولة.

 

يضاف الى ذلك عرض من مجموعة كويتية في سنة 2013 وبتاريخ تولّي نجيب ميقاتي رئاسة الوزراء، وكان العرض من صديق لميقاتي وجار له في لندن تولّى قيادة شركة كويتية ذات رأسمال يبلغ 5 مليارات دولار تختصّ بإنجاز محطات إنتاج الكهرباء ومعالجة النفايات.

العرض كان بإنجاز معملي إنتاج كهرباء بطاقة 3000 ميغاواط ومعمل لمعالجة النفايات بطاقة 1000 طن يومياً… والتمويل لـ20 سنة بفائدة منخفضة. وكانت النتيجة نصيحة الرئيس ميقاتي لرئيس الشركة الكويتية بأن يتباحث مع طرف يسهّل الاتفاق على العملية.

 

بالطبع كان رد فعل رئيس الشركة الكويتية سلبياً حيث قال للرئيس ميقاتي: أنا مسؤول عن تأمين التمويل واختيار أفضل الشركاء لإنجاز المعملين وقد قمنا بأعمال من هذا النوع بنجاح في بلدان الخليج، وأنت دولة الرئيس مسؤول عن ضبط ميزانية الدولة وتأمين حاجات المواطنين فلا حاجة لخدمات طرف ثالث، وبالتالي انسحب الطرف الكويتي، وكان الصدى في الكويت سلبياً حيث انتشر الشعور بأن الحكومة اللبنانية غير جدّية.

 

بعد ذلك توافد وزراء الطاقة باختيار جبران باسيل، عُيّن المهندس سيزار أبي خليل وزيراً، وقد حضرت مؤتمراً أقيم في فندق الريفييرا عام 2017 برعاية الحزب التقدمي الاشتراكي وغطت أكلاف المؤتمر مؤسسة ألمانية تهتم بمساعدة الأحزاب الاشتراكية خاصة في البلدان النامية.

سيزار أبي خليل عرض خطة مفصلة أكد أنها ستؤدي خلال سنة الى تأمين الطاقة لجميع الحاجات في لبنان عبر إنجاز معامل حديثة يمكن أن تعمل باستعمال الغاز الطبيعي أو المازوت، وانقضت السنوات 2017 حتى 2022 وتولّت الوزارة سيدة هي اليوم نائبة، ومن بعدها وزير تقني، حتى وصلنا اليوم الى وزير كان يعمل في مجال إدارة الأموال في لندن وشاء التخلي عن وظيفته ليأخذ على عاتقه دراسة شؤون الكهرباء ومعالجتها، وكل ما سمعنا منه توجّهه الى زيادة التعرفة، ولم يبحث إطلاقاً في أسباب ارتفاع كلفة الكيلوواط ساعة الى 40 سنتاً أميركياً وتجري فوترتها على قاعدة 8-12 سنتاً حسب حاجات الاستهلاك، وأؤكد كمشترك أني أتسلم فاتورة استهلاك الكهرباء عن كل شهرين بنفس المبلغ دون تعديل في الرقم منذ ثلاث سنوات، وحينما سألت الجابي عن هذا الامر قال لي يا أستاذ وينيي ساعات قياس الاستهلاك التي توفر أرقاماً أدق وتسمح بتسديد المستحق بشكل اوتوماتيكي عبر البنوك.

 

بالتأكيد القراء أصبح لديهم ملل من مراجعة شؤون الكهرباء، وبعض الميسورين الأفراد والمؤسسات تجهزوا بالألواح التي تحفظ الطاقة من الشمس وتؤمنها للاستهلاك المنزلي أو في المدارس والمستشفيات، وهنالك 1600 ميغاواط لدى مشغلي الشبكات بالاشتراك مقابل رسوم باهظة.

 

جميع الهيئات الدولية تشكو من وضع الكهرباء وغياب التخطيط واستمرار الهدر، وتطالب بتأليف هيئة ناظمة مستقلة بالفعل يديرها فنيون مستقلون من أصحاب الخبرة والنزاهة، والبلد أصبح من بين البلدان الأقل تطوراً في المنطقة… وتقلبات العملة اللبنانية، وممارسات المصارف بالامتناع عن دفع كامل الودائع وتقنين المستحقات لا تساعد على استعادة بعض الحياة والإنتاج… ورئيس لبنان يفاخر بإنجازاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى