سلايداتمقالات

إنتخاب الرئيس والذكاء الإصطناعي

كتب جوزيف الهاشم في الجمهورية:

في غضون أسبوعٍ وبعضِ الأسبوع، إنهالتْ علينا الأحداث متواليةً، بما كاد يهدّد ما تبقّى من هياكل الدولة المتصدّعة.

فماذا تنتظرون، والدولة رجـلٌ مريض والجمهورية مقطوعةُ الرأس، إلاّ أنْ يستمرّ القتل والإقتتال والإغتيال والجُـرمُ واللّعب بالدم.

قبل انتظام الحكم في غـرب الولايات المتحدة، كان على الناس أن يتدجَّجوا بالسلاح، فكلّما بـرزت مشكلة عالجوها بإطلاق النار، لأنهم لم يجدوا بديـلاً قانونياً، ولـمّا انتظم حكـمُ الدولة سقط حكـمُ المسدسات وأخذ الناس يعالجون أمورهم أمام المحاكم العدلية لا المحاكم القتالية.

وما لم ينتظم حكـم الدولة عندنا، ستظلّ كـلُّ مشكلة تُعالج بالأمن الفالت، ويصبح كـلّ استحقاق دستوري مشكلةً وطنية، وتتحوّل اللعبة الدستورية إلى متاريس، فنقع في الفراغ.

ولأنّ الفراغ يطرح مشكلة أمنية، يصبح كـلُّ فـراغٍ مرتبطاً بجنرال… هكذا كان الفراغ قبل ولايـة الرئيس إميل لحـود وبعدها، وقبل ولاية الرئيس ميشال سليمان وبعدها، وقبل وبعد ولايـة الرئيس ميشال عـون.

 

الرئيس ميشال عـون، هو أول من تنبَّأ بالفراغ الرئاسي من بعده حين قال: «ليس هناك من مؤهّـل لرئاسة الجمهورية، وجبران باسيل ليس مرشحّاً…».

 

كيف إذاً يكون الخلاص ما دام جبران غير مرشّح…

 

وكيف يكون الخلاص ما دام أهـل السياسة والرئاسة عندنا قد أسقطوا لبنان من لائحة الإهتمامات الدولية، فإذا قـادة العالم العربي والعالم الخارجي يما يتحلّون من عفّـةٍ وبـراءة، لا يتدخّلون في شؤون لبنان الداخلية: لا برئاستهِ ولا بسيادتهِ ولا بسياسته، مع أنَّ أنظارهم تتسرّب إلى غُـرَفِ النـوم وبصيصِ الأضواء الخافتة، وعذرُهم أنّهم يندّدون بالفضائح.

 

وأما لبنان الداخل فهو أشبهُ بالمناحة ومجلس العـزاء: الحكمُ تمثالٌ رمزي، والأقطاب مصائب، والنواب نوائب، والشعب مكبّل بالأصفاد، وكلّنا نبكي ساعةً على السيادة، وساعةً على الشرعية، وساعةً على الحـق المهدور والأمـن المسعور والوطن المسحور، ولم يبـقَ إلاّ أن نسلّم مفاتيح غرناطة في الأندلس إلى «فردينان وإيزابيل»، ونبكي مثل النساء مُلْكاً لـم نحافظ عليه مثل الرجال.

 

مهلاً… ولا تتعجَّبوا…

 

لأن الإستحقاق الرئاسي ربّما كان صعبَ المنال على المـدى المنظور، فهناك مقترحاتٌ قد تبدو عجيبة لمعالجة هذا الإستحقاق:

 

أولاً: ما اقترحَـهُ الشيخ صادق النابلسي في 6 تموز المنصرم بقوله: «إذا لـم نتوصّل إلى انتخاب رئيس فإنّ أفضل وسيلة للخروج من الأزمة الداخلية هي الحرب مع إسرائيل…».

إنّها حكمة تاريخية كان يمارسها نابوليون فيعلن الحرب على إنكلترا والنمسا وإيطاليا، كلّما شعر بانقسامٍ داخلي من أجـل توحيد الأمَّـة وتعزيز مركـز السلطة وامتصاص نقمـة الشعب.

وتصبح مسألة الحرب فيها نظـر، بعدما قال وزير الدفاع الإسرائيلي: «إن إسرائيل مستعدّة لإعادة لبنان إلى العصر الحجري…».

 

ثانياً: أنْ ننتخب رئيساً حديثَ الولادة بحيث يكون حيادياً، لم تتلطّخ يـداه بعيبٍ أو دنسٍ أو فساد، هكذا تُـوِّجَ الملك الفرنسي «جيمس السادس» إبن ماري ستيوارت ملكاً على إنكلترا (1567) وكان عمـره ثمانية أشهر، وما هـمّ أن يتولى الحكم باسمه أربعة أوصياء، ما دام الحاكم عندنا يتولى الحكم باسمه أربعة أوصياء وأكثر.

 

ثالثاً: أنْ ننتخب الرئيس بالقَرْعة: مع أنـه: «من السُخْفِ انتخاب الحكام بالقرعة» كما يقول سقراط.

 

رابعاً: أن ننتخب الرئيس بواسطة الذكاء الإصطناعي، في غياب الذكاء الطبيعي، إلاّ إذا اهتدى المسؤولون عندنا إلى ما أعلنه أحـدُ أثرياء كاليفورنيا في 2/4/1980.

وهو إنشاء «البنك المنَـوِيّ» للذكاء من حملَةِ جوائز نوبل.

 

وإذْ ذاك، نصبح بألف خيـر، لأنّ المنظومة السياسية والحاكمة عندنا متفوّقـةٌ باختلاس البنوك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى