عاد ملف التجنيس الى الواجهة مجددا وقبل أيام قليلة من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون حيث أثار عدد من الأشخاص الذين كانت أسمائهم مدرجة على لائحة مشروع مرسوم التجنيس ويقدّر عددهم بالآلاف هذا الموضوع، خوفا من انتهاء العهد دون صدور المرسوم، وهذا الأمر دفع المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى إصدار بيان نفى فيه أن يكون الأخير وقّع أي مرسوم يتعلق بمنح الجنسية اللبنانية لعدد من الأشخاص.
واعتبر البيان ان أي أخبار تتعلق بهذا الملف لا أساس لها وهي تهدف الى التشويش، وأكد البيان على موقف الرئيس ميقاتي الثابت برفضه التوقيع على مرسوم التجنيس.
وردا على سؤال لـ«اللواء» حول سبب صدور هذا البيان في هذه الفترة بالذات، تردّ مصادر ميقاتي لتشير الى ان اتصالات عدة واستفسارات ومراجعات من قبل عدد من الأشخاص تَرد بشكل رسمي الى الدوائر المعنية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة ما إذا المرسوم سيصدر قبل نهاية عهد الرئيس عون، ولوضع النقاط على الحروف فإن الرئيس ميقاتي حسب المصادر ليس في وارد التوقيع على مثل هكذا مرسوم بأي شكل من الأشكال.
وحول ما إذا كان السبب هو الفضيحة التي ترافق هذا الملف من دفع أموال باهظة مقابل الحصول على الجنسية اللبنانية، ترفض المصادر التعليق على هذا الأمر وتؤكد ان ميقاتي لن يوقّع وموقفه واضح منذ البداية، مما يعني انه أراد قطع الطريق أمام إصدار المرسوم بشكل نهائي.
أمّا مصادر بعبدا فتؤكّد لـ «اللواء» بأنه كان هناك تحضير لمشروع مرسوم في هذا الخصوص وهو كان مدار بحث بين المعنيين من اجل إعطاء الجنسية لمستحقّيها وهو حق لهم بما يخدم مصلحة لبنان أو لمعالجة الكثير من الحالات الإنسانية، وأشارت الى ان هناك عددا من الأشخاص تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية بشكل قانوني كما حصل في المرات السابقة، وبحسب ما هو متعارف عليه فإنه يتم دراسة الطلبات بتأنٍّ وموضوعية لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها وفق الأصول حسب ما تقول المصادر، ولكنها في المقابل تعتبر انه بعد إعلان الرئيس ميقاتي رفضه التوقيع على المرسوم فان رئيس الجمهورية بدوره لن يوقّع عليه على الرغم من ان هناك عددا كبيرا من الأسماء المدرجة ولدت في لبنان ولديها أملاك وأعمال وهي تستحق الجنسية اللبنانية.
وحول ما إذا كان للرئيس عون صلاحية دستورية لبتّ هذا الملف، تؤكد المصادر ان لدى رئيس الجمهورية من خلال صلاحياته اللصيقة منح الجنسية ولكن يحتاج الأمر الى إصدار مرسوم وبالتالي الى توقيع رئيس الحكومة وبناءً على موقف ميقاتي فإن رئيس الجمهورية لا يمكنه السير في هذا الملف.
وإذ تستغرب المصادر الأخبار المتناقلة حول رشاوى دفعت من قبل طالبي الجنسية لعدد من المسؤولين للاستحصال عليها، طالبت كل من يدّعي انه دفع أموال مقابل حصوله على الجنسية كشف الجهة التي قبضت منه.
أما مصادر وزارة الداخلية فتؤكد من ناحيتها لـ«اللواء» على الموقف الواضح والثابت للوزير بسام مولوي برفضه التوقيع على أي مرسوم يتعلق بمنح الجنسية، لأنه وبحسب المصادر يرفض أن يُسجل عليه قيامه بمنح الجنسية لأي شخص خلال توليه حقيبة وزارة الداخلية، بإعتبار ان عمليات التجنيس تكون معظم الأوقات مشبوهة بموضوع الرشاوى المالية على الرغم من ان عملية التجنيس قائمة في دول العالم وهناك من يستحق نيلها ضمن شروط محددة، وأعلنت المصادر ان الوزارة لم تقُم بأيّ إجراء بهذا الخصوص، علما ان من صلاحياتها تحضير الملفات.
وبعد كل ما تقدّم، يبدو ان هناك استحالة لإمكانية صدور مرسوم تجنيس جديد في نهاية عهد الرئيس ميشال عون الذي كان شهد في بدايته وتحديدا في 11 أيار 2018، صدور مرسوم تجنيس وقّعه مع رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري ووزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق وهو كان مرسوم التجنيس الأول في عهده ويبدو أنّه الأخير. وكان استفاد من هذا المرسوم 411 شخصية، العدد الكبير منهم من رجال الأعمال السوريين الموالين للنظام إضافة الى عدد من الفلسطينيين والعراقيين والبقيّة من جنسيّات عديدة أخرى إضافة إلى أشخاص مكتومي القيد، وقد أدّى صدور المرسوم آنذاك الى سجال في الأوساط السياسية والشعبية اللبنانية.
مع العلم ان مراسيم التجنيس درجت العادة أن تصدر في نهاية عهود رؤساء الجمهورية ووفقا لمصالح شخصية بين طالبي الجنسية والمسؤولين أو أتباعهم وليست من خلال النظر بأحقية نيلها، ومع هذا تبقى المرأة اللبنانية محرومة من حقها الذي من المفترض أن يكون طبيعيا وذلك بإعطاء جنسيتها لأولادها وزوجها مهما كانت الظروف.