سلايداتمقالات

إتفاق الترسيم: خريطة إقليمية جديدة بألوان إيرانية أميركية

كتب منير الربيع في المدن:

تتداخل الحسابات الإقليمية والدولية في كل التطورات التي تشهدها المنطقة. ثمة نقاط مشتركة بين الجميع تتعلق بـ”الرهانات” التي يضعونها بعد الاتفاق الحدودي.

 

رهانات محلية وإقليمية

فلبنانياً، يراهن حزب الله على جملة نقاط. أن يسهم الاتفاق بالتخفيف من الضغوط التي تؤثر على البنية التحتية لقدراته وعلى بيئته. كما باستطاعته القول إنه نجح في إبرام اتفاق بفضل قوته. والتيار الوطني الحرّ أيضاً يراهن على أن يحدث تغيير بملف العقوبات على جبران باسيل بما يتيح له تحسين وضعيته السياسية.

 

أما إقليمياً، فإن إيران تراهن على جملة نقاط أيضاً. الإثبات للأميركيين بأنها قادرة على لعب دور المسهِّل لإنجاز اتفاقات تضمن مصالح واشنطن، سواء في لبنان أو في العراق الذي تسعى طهران إلى إعادة تعزيز وضعها السياسي فيه. ولا شك أن واشنطن تريد من هذا الاتفاق تشكيل عناصر ضغط على الخليجيين، ولا سيما السعوديين، علاوة عن ضمان أمن اسرائيل وإيجاد أفق للتهدئة في لبنان. في المقابل، تراهن السعودية على الانتخابات النصفية الأميركية وخسارة الديمقراطيين لصالح الجمهوريين لإعادة تعزيز العلاقات. أما إسرائيل فتضمن أمنها واستقرارها، وتعيد تسليط الضوء على اتفاقات أبراهام، وهو ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد حول اعتراف لبنان بإسرائيل.

 

تركيا وقبرص وأبعد

وُقّع اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية على وقع اللقاء بين الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ والرئيس الأميركي جو بايدن، والذي شدد على أهمية الاتفاق مع لبنان وأبعاده الاستراتيجية، في مقابل الإصرار على طمأنة تل أبيب بأن لا اتفاق نووياً مع إيران. فيما وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس يزور أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره خلوصي آكار. والطرفان يلتقيان على العلاقة المتينة بأذربيجان ودورها الأساسي في المرحلة المقبلة في عملية ضخ الغاز إلى أوروبا. كما أن الهدف الإسرائيلي التركي المشترك هو قطع “الكوريدور” (الممر) ما بين إيران وأرمينيا. كما أنهما يلتقيان على المساعي لتعزيز العلاقات مع أكراد العراق، خصوصاً في ظل التوتر الإيراني مع الأكراد هناك، بعدما وقعت عمليات أمنية وعسكرية متعددة.

 

ولا بد للقاءات بين المسؤولين الإسرائيليين والأتراك أن تثير حفيظة قبرص واليونان، ولا سيما أنه ما بعد انجاز اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، يحضر اليوم إلى بيروت وفد من قبرص للبحث في ترسيم الحدود. هنا لا يمكن تغييب الموقف التركي والذي منذ العام 2011 طالب لبنان بضرورة التنسيق معه في ملف ترسيم الحدود البحرية بينه وبين قبرص.

 

في المقابل، كانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون العراقية تقول: “نستطيع التعاون مع الحكومة العراقية المقبلة في كل المجالات”. كلام أيضاً يستحق التوقف عنده حول العلاقة المتطورة بين إيران والولايات المتحدة في العراق، خصوصاً أن الحكومة العراقية الجديدة موالية لطهران والحشد الشعبي.

 

السعودية والدور الإيراني

أمام كل هذه الوقائع، لا بد من مراقبة تطورات المشهد في الإقليم، والذي يُطوى على توتر سعودي أميركي أيضاً، لا يرتبط فقط بقرارات أوبك بلس (والتسبب برفع أسعار النفط)، بل بما دفع السعوديين للإصرار على تخفيض انتاج النفط. وهو يرتبط باختلافات سياسية متعددة بين واشنطن والرياض، عنوانها الأساسي المحاولات الأميركية المستمرة لترتيب اتفاق نفطي مع إيران. وهذا لا بد له أن يكون اتفاقاً على ملفات المنطقة أو اتفاقاً إقليمياً يؤدي فيما بعد إلى احياء الاتفاق النووي. وهذا ليس الأول من نوعه بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في العام 1973، عندما اتخذ الملك فيصل بن عبد العزيز قراراً بوقف ضخ النفط بنتيجة الحرب، فذهب الأميركيون إلى الإيرانيين لتحسين العلاقات والتعويض عن النفط الخليجي. كما تم تكليف طهران بأمن الخليج، ولعب الدور على هذا الصعيد. وعليه ثمة ما لا يمنع تكرار هذا المشهد في هذه المرحلة، تجاه كل ما يدور في المنطقة من العراق إلى لبنان وصولاً إلى اليمن. وعليه، فإن الترسيم البحري للحدود الجنوبية والزهو الإسرائيلي بالقول إن لبنان اعترف بإسرائيل، لا بد أن يكون له تداعيات على المشهد العام في المنطقة، خصوصاً أن هناك وجهة نظر سعودية تعتبر أن هذا الاتفاق هو عبارة عن صفقة أميركية إيرانية تشمل إسرائيل ضمناً، وعمل الفرنسيون على إخراجها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى