سلايداتمقالات

فرنجية وعواقب عدم تطوير مصالحة 14 تشرين

كتب ألان سركيس في نداء الوطن:

دخل لبنان مدار الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية العماد ميشال عون، في حين ما زال «ديوك» الموارنة يتنافسون على هوية الشخصية التي ستخلف عون في سدّة الرئاسة. حسم الفريق السيادي موقفه باكراً وأعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع دعم ترشيح رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوّض، فحاز الأخير تأييد القوى السيادية.

 

وفي المقلب الآخر، لم يستطع فريق 8 آذار وحلفاؤه حسم موقفهم النهائي قبل الدخول في الفراغ الرئاسي، فرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية يتصرّف على أنّه مرشّح، لكن من دون أن ينعكس هذا الترشيح أصواتاً في ساحة النجمة، بينما لم «يبقّ» رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل البحصة لينضمّ إلى نادي المرشحين الرسميين للرئاسة، إلا أنّ كل مواقفه الأخيرة تؤكّد رفضه وصول فرنجية للرئاسة.

 

كانت الانتخابات النيابية الأخيرة قاسية على فرنجية شمالاً، فالرجل معروف بصراحته وهو قال تعليقاً على النتائج: «زمطنا بريشنا»، وهذه النتيجة أفقدته الدخول إلى نادي رؤساء الكتل المسيحية الكبرى، لذلك بات الرجل تحت رحمة «التيار الوطني الحرّ» و»القوات اللبنانية».

 

لا يستطيع «حزب الله» الضغط أكثر على باسيل للقبول بفرنجية، فـ»الحزب» ينتظر اللحظة المناسبة لمحاولة تقريب وجهات النظر بين فرنجية وباسيل. لكن ما هو ملفت للأنظار، إعلان شخصية بارزة من قوى 8 آذار أن سير حزب «القوات اللبنانية» بفرنجية مرشحاً للرئاسة يعني وصول الأخير إلى قصر بعبدا حتى لو لم يوافق باسيل على ترشيحه.

 

وفي السياق، كانت هناك فرصة ذهبية لتقرّب فرنجية من «القوات». ففي 14 تشرين الثاني 2018 حصلت المصالحة التاريخية بين «القوات» و»المردة» في بكركي برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وكان بالإمكان تطوير العلاقات على رغم التباعد السياسي الواضح، خصوصاً أن هذه المصالحة اختتمت نحو 30 عاماً من الصراع الدموي المسيحي.

 

ويرى من يتابع الملف الرئاسي أنه كان يتوجّب على فرنجية القيام بخطوات تجاه جعجع وتطوير المصالحة لأنه طامح للوصول إلى الرئاسة، بينما جعجع يعلم جيداً أن حظوظه متدنية جداً، لكن من عمل على المصالحة بين «القوات» و»المردة» يعتبر أنها تختلف كثيراً عن مصالحة «القوات» و»التيار الوطنيّ الحرّ»، فهذه المصالحة عنوانها «ختم جرح إهدن» ووقف الصدام في الشمال المسيحي، بينما مصالحة معراب كانت بمضامين سياسية ورسمت خريطة طريق حكم ينطلق من دعم «القوات» لترشيح عون.

 

لكنّ هناك سؤالاً يُطرح: لو تطورت علاقة «القوات» بـ»المردة» هل كان بالإمكان دعم معراب لفرنجية رئاسياً؟

 

هذا الإحتمال، أي دعم جعجع لفرنجية، غير وارد في قاموس معراب حالياً، فالموقف النهائي لـ»القوات» هو عدم انتخاب رئيس من حلفاء «حزب الله»، ولا مجال للتسوية أو تكرار سيناريو «تفاهم معراب» لأنّ التفاهمات الجانبية لم توصل إلى مكان.

 

وتعلم معراب أنّ فرنجية رجل يحترم كلمته ووعوده، لكنّ القصة ليست قصة اتفاق بين فريقين، المسألة اليوم تتعلّق بمصير بلد، فانتخاب رئيس حليف لـ»حزب الله» والنظام السوري يعني إبقاء لبنان غارقاً بمحور «الممانعة»، بينما ينصب كل جهد «القوات» على ضرب سلطة هذا المحور.

 

وإذا كان الإحترام المتبادل يسيطر على العلاقة بين قيادتي «القوات» و»المردة»، إلا ان التباعد السياسي كبير جداً، فـ»المردة» يعمل لوصول فرنجية إلى بعبدا، وتؤكد مصادره أنه إذا وصل فرنجية إلى الرئاسة سيتعامل مع الخصوم قبل الحلفاء من موقع رئيس الجمهورية ولن يكون رئيساً لفئة دون اخرى، ومن جهة ثانية سيتعامل مع «القوات» وفق حجمها وموقعها مثل تعامله مع الجميع، لكن فرنجية يعرف أنه لن ينال دعم «القوات» وأصواتها النيابية.

 

يحاول فرنجية أن يكون مرناً، لكنه يعلم جيداً الإنقسام العمودي بين محور «حزب الله» والحلفاء من جهة ومحور «القوات» والحلفاء من جهة أخرى، لذلك يتوجب عليه السير بين النقاط، مع يقينه بصعوبة معركته الرئاسية بلا غطاء مسيحي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى