سلايداتمقالات

سلامة من مُجترح “العجائب” إلى “شيك بلا رصيد”

كتب طوني عطية في نداء الوطن:

بين السياسة والمال علاقة تزاوجية. غايتهما «متعة» ورباطهما «مارونيّ». إنّهما أخطر أعمال المسؤولين. بهما تُهلك الأمم وتزدهر. تحيا المجتمعات وتُقتل. يحتويان كلّ ما في القواميس من مرادفات وأضداد. وفيما نشأت دولة القانون على فصل السلطات الثلاث: التشريعية، التنفيذية والقضائية، جعلت للبنك المركزي مكانة خاصة. صمّام أمان للسياسات النقدية وحماية للعملة الوطنية والنظام الإقتصادي الحرّ. أطلِق على رئيسه لقب «الحاكم» وليس «المدير العام» أو «الموظّف الأعلى». هذه الصفة ليست مجرّد بلاغة لغوية. بل قوّة إجرائية في هندسة النموذج النقدي والمالي في البلاد.

 

ومن أبرز خصال الحكّام بشكل عام، ما كان يردّده سعيد عقل، «الأشرف والأعرف والأجرأ». وشكّلت هذه الصفات «رصيداً» لبعض الحاكمين، كالياس سركيس وإدمون نعيم، ومذلّة لآخرين كرياض سلامة.

 

أتى الأوّل من المحاماة والقضاء، جاعلاً من «سويسرا الشرق» ثاني أكبر دولة امتلاكاً للذهب بعد سويسرا. والثاني من عمادة كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، فكان حارساً أميناً على أموال المودعين، مترفّعاً عن محاباة السياسيين ما جعله مطلوباً للأجهزة الأمنية، إلّا أنه تمكّن من الإفلات بمساعدة أحد موظّفيه المخلصين لنزاهته وشرفه.

 

أمّا الثالث، ولسخرية القدر، مطلوب بمذكرات توقيف وادعاءات قضائية خارجية ومحليّة، لكنّه تمكّن حتى الآن من الهروب بمساعدة المسؤولين الأوفياء للقروض التي مدّهم بها ولهندساته المالية التي ساهمت في بناء هيكل الفساد. فداخل كلّ سياسي (من دون تعميم) «نعمة» من سلامة. والأخير لم يسلم من شهوات المسؤولين.

 

أطلق عليه البعض لقب «الساحر» أو مجترح العجائب النقدية والمالية، قبل أن تتحوّل «معجزاته» إلى كوابيس تلاحق اللبنانيين المنهوبين في حقوقهم وأموالهم، من أهل الحكم والحاكم. منذ ثلاثين عاماً، اكتسب الآتي من عالم المال وخبراته، شهرة دولية، حتى بات نموذجاً للقطاع المصرفي في العالم. «هو المصرف والمصرف هو». اختير من بين أفضل 9 حكام مصارف مركزية في العالم من مجلة «غلوبال فاينانس» لسنة 2017. نال جائزة أحد أفضل حكام المصارف المركزية في العالم من مجلة «غلوبال فاينانس» لسنة 2016.

 

حاز على درع تكريمي في مناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس مصرف لبنان من اتحاد المصارف العربية – نيسان 2014، قلادة «بول هاريس» مع شهادتها ودرع المؤتمر السنوي للروتاري في لبنان تكريماً لعطاءات حاكم مصرف لبنان – نيسان 2014، جائزة افضل حاكم مصرف مركزي في الشرق الأوسط لعام 2013 من مجموعة يوروماني الدولية، أفضل حاكم مصرف مركزي في الشرق الأوسط للعام 2012 – جائزة مجلة The Banker، جائزة مجلة Global Finance كأحد أفضل 6 حكام مصارف مركزية في العالم لعام 2011.

 

كذلك نال وسام جوقة الشرف من رتبة ضابط قلّده إياه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بتاريخ 31 كانون الأول 2009. اختير أفضل حاكم مصرف مركزي في الشرق الأوسط للعام 2009، جائزة مجلة The Banker، أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم للعام 2006- جائزة EUROMONEY، أفضل حاكم مصرف مركزي في الشرق الأوسط للعام، جائزة EUROMONEY للأسواق الناشئة، أفضل حاكم مصرف مركزي للعام 2003 (رجل العام 2003)- جائزة EUROMONEY، وسام جوقة الشرف من رتبة فارس قلّده إياه الرئيس الفرنسيس سابقاً جاك شيراك في 31 أيار 1997، أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم العربي للعام 1996- جائزة EUROMONEY.

 

لكن ما نفع الحاكم لو ربح أوسمة العالم كلّه وخسر قطاعه؟ ماذا سيقول لنفسه بعد انتهاء ولايته في تمّوز المقبل ليطبق عامه الثلاثين في الحاكمية؟ من أين سيواجه ذاته؟ من السجن؟ أو من منفاه الطوعي؟ أم من مخبئه خلف البحار؟ وفق أيّ سعر لليرة سيترك بصماته في ذاكرة اللبنانيين؟ أين سيصرف رصيده الطويل؟ في «السوق السوداء» أو على منصّة صيرفة؟ ماذا عن المسؤولين؟ هل يحفظون له «جميل نعمته» عليهم؟ أم يسقطونه فيفضحهم؟ هل كان شريكهم أم وقع في شركهم؟ هل «قامر» على خطّة إنقاذ ولم تُنفّذ؟ لماذا لم يستقل؟

 

تساؤلات كبيرة على قارعة الأيام وأجوبتها عند القاضي و»الحاكم».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى