سلايداتمقالات

ما بعد “الأربعاء”.. خارج السياسة أيضاً

كتب بشارة شربل في إفتتاحية نداء الوطن:

لن يُنتج “الأربعاء العظيم” رئيساً. لكن، لا مناص من معموديات نار فرضها التحكم بمفاتيح مجلس النواب وتفسير الدستور بما يتيح “التكبير” على النصوص والأعراف.

رغم عبثية المشهد المتمثلة بيقين خيبة مسبقة من جلسة انتخاب تملأ كرسي بعبدا، فإن معاودة الذهاب الى صندوقة الاقتراع هي إنجاز فعلي، كونها تكسر إحدى حلقات التعطيل وتُفهم الفريق الممانع استحالة فرض مرشح وحيد، وإلا سيُمسي في نهاية المطاف أمام واقع تحمّل تبعات تخريب الحياة السياسية، أو كشف أوراقه مبكراً ليلاقي سائر اللبنانيين، اليائسين من”الصيغة”، حول “أي لبنان نريد؟”.

من المؤسف أن لا يمنحنا الإعلان عن الجلسة جرعةَ تفاؤل. فتعامل الفريق الممانع مع اللبنانيين على أساس “أنا ربُّكم الأعلى” مستمر عبر تأكيد التمسك بترشيح فرنجية حتى ولو هزمته أصوات أزعور، بعدما “ثبت بالوجه الشرعي” أنه يتيم التأييد إلا من “الثنائي الشيعي” والمُستتبعين من أقليات الطوائف الأخرى، وبعدما انتهى مشروع ماكرون الداعم للزعيم الزغرتاوي، بتعيين لو دريان مبعوثاً خاصاً، مع بداهة ما يعنيه “تغيير الضباط أثناء المعركة”.

يُفترَض أن خطوة ما بعد الأربعاء هي الذهاب الى توافق على اسم ثالث يفك مشكل التحدي الذي فرضه الإخلال بالأصول البرلمانية في فتح الجلسات ضمن المهلة الدستورية لانتخاب شخصية يهنئها الجميع. ولا يزال يثير استغراب عامة الناس لجوء الفريق الممانع الى المماحكة وإضاعة وقت البلاد فيما الوضع بحاجة الى لحظة من غيمة. وفي التفسير البسيط جزءان: أولهما أن “حزب الله” قادر على الانتظار الطويل، ومثاله الناجح ترئيس ميشال عون حتى ولو لم يكن مشرِّفاً بالتأكيد. وثانيهما ان “الحزب” يتطلع الى مرشح ثالث، لكن بعد أن تنضج صفقة أميركية إيرانية يكون فيها لراعيه الإقليمي نصيب طيب أو كبير.

ومع فداحة تلك المناحي، فإن المقلق هو احتمال تخطي الممانعة الحدود المفهومة في العمل السياسي نحو “حافة الهاوية” التي تمارس عادة مع العدو لا الشريك، مع ما يرافقها من خطر على السلم الأهلي أو استفحال التدهور الاقتصادي والمعيشي. ذلك أن الإصرار على التمسك بفرنجية بعد الأربعاء هو مثل ترشيحه، يعبر عن إرادة الفرض والإملاء وليس عن رغبة تنافسية أو تصالحية تأخذ في الاعتبار أن البلاد في حال تستحق الرثاء. هو ترشيح خارج السياسة العادية في الأساس كونه ارتكز أصلاً على “نظرية الوفاء” وإبراء العهد والوعد. أما الإصرار عليه فيذَكِّر بقرار التمديد لإميل لحود. يومها رُفض عرض الرئيس رفيق الحريري انتخاب فرنجية نفسه أو جان عبيد خال جهاد أزعور أو أي شخص يريده النظام الأمني السوري اللبناني… والتتمة يعرفها الجميع.

أترانا نتعجب إن تُرِكنا بلا رئيس؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى