سلايداتمقالات

فوضى تفلّت أمني واقتصادي.. هذه هي صورة المرحلة القادمة

فوضى، دمار، تفلّت أمني، واقتصادي.. هذه هي صورة المرحلة القادمة التي باتت تتكشف يومًا بعد يوم، فبعدما كان الدولار يرتفع بحدّ أقصى ألف ليرة كل يوم، بات هذا الأمر لا قاعدة له ولا حدود، إذ تخطى الدولار كافة الحدود المرسومة له، حيث بات الإرتفاع لا يقلُّ عن 5 آلاف ليرة يوميًا، وهذا ما يؤشّر إلى شيء واحد، ألا وهو الأرتطام الإجتماعي والإقتصاديّ الكبير الذي من شأنه تفجير البلد، والعودة إلى حالة الفلتان الأمني والإجتماعيّ الذي سيؤدي إلى تهالك آخر مداميك الدولة.
فلا سلطة تشريعية تعقد اجتماعًا، ولا سلطة تنفيذيّة تلتئم، ولا سلطة قضائية تحكم.. حرفيًا.. مؤسسات الدولة تعيش حالة الإنهيار الكليّ، ولا حياة لمن تنادي.

كلُّ هذا وأكثر يؤكدّه الصّحافي شارل أيوب خلال مقابلة له مع الزميل داني حداد عبر برنامج mtv poadcast، حيث يؤكّد أيوب على أن البلد ذاهب نحو انهيار كلي، والأمر واضح من خلال أزمة الدولار التي لم يعد لديها أي حدود، حيث أن فلتان سعر الصّرف يجتاح بطريقهِ أيًّا كان من دون أي مهادنة أو توقف، إذ يؤكّد أيوب على أن الدولار سيكون بست أرقام قريبًا طالما أن المسؤولين غير آبهين بما يحدث، وهذا الرأي يدعّمه إقتصاديون كثيرون يشيرون إلى أن الدولار لن يتوقف عند عتبة الثمانين ألف، أو التسعين ألف، ولا حتى عند المئة، لا بل إن الوضع القائم، وفي حال بقي على ما هو عليه، سيؤدي إلى ارتفاع قياسي جديد سيتخطى معه الدولار المئة ألف وقد يصل إلى حدود 150 ألف ليرة، ما يعني إعدام الليرة اللبنانيّة إعدامًا كليًّا، وما يعني توازيًا إعدام المواطنين والبلد.

تفجير آخر سيقابل انفجار الدولار ألا وهو الثورة الشعبية، التي عانت ما عانته مع هؤلاء المسؤولين، الذين وعدوا ولم يوفوا، فالأمور ما قبل الإنتخابات وما بعد الإنتخابات ذاهبةٌ إلى ما هو أسوأ، والثورة الشعبية هذه المرة، وكما هو واضح، لن تكون كسابقاتها من التحركات إذ أن التحرك هذه المرة من شأنه أن يحمل روائح الدم، فالشعب الذي تُهان كراماته أمام أبواب المستشفيات، والذي يُهان أمام المصارف، والصيدليات، والذي يُطرد من منزله بحجة الآجار، والذي يعذّب ويهان يوميًا أمام المصالح الحيويّة، حتمًا هذا الشّخص، لم يعد هناك ما ينتظر خسارته، لا بل على العكس من ذلك تمامًا، إذ أن الحراك هذه المرة من شأنه أن يؤدي إلى خضّة كبيرة ستعبّر عن حجم الذلّ الكبير الذي يتعرض له الشّعب اللّبنانيّ يوميًا.

من ناحية أخرى، فإن المواطن وإن نجا من بطش المسؤولين، فإنّه لن ينجو حتمًا من طمع التّجار، فلا حسيب ولا رقيب اليّوم، إذّ أن كلّ تاجر بات مستعدٌ إلى أن يبنيَّ إمارته المالية.. هذه الإمبراطوريّة التي طمح إلى أن يجنيها خلال التفلّت الإقتصاديّ الكبير، والرقابيّ، والأخلاقيّ.. مرحلة فوضى رقابيّة من المسلّم أن يتبعها مرحلة تفلّت أمني، وتوازيّا تحرّكات، ومن هنا يؤكّد الصّحافيّ شارل أيوب على أنّ الشّعب هذه المرة ومع وصول الدولار في الأسابيع القادمة إلى مستوياتٍ قياسيّة من شأنه أن يقلُب الشّارع رأسًا على عقب، ويعلن الثورة الشّعبيّة الكبرى., فما هو موقف قيادة الجيش من ما سيحدث؟

يؤكّد أيوب على أن تعليماتٍ واضحة أتت من الخارجيّة الأميركيّة تحذّر قيادة الجيش من عقوبات صارمة، ومباشرة في حال كان هناك أي تدخّل أو منع أو اعتراض، إذ أوعزت الإدارة الأميركيّة لقائد الجيش اللّبنانيّ العماد جوزيف عون على أن الشّعب لديه كامل الحق بالتّعبير عن رأيه، خاصةً وأن الأمور الإقتصاديّة والسّياسيّة والإجتماعيّة والأمنيّة في لبنان ذاهبة نحو منحدر طويل، ما يفتح الكلام واسعًا أمام خطر الفوضى الكبرى التي يعتبر لبنان بأنّه بمنأى عنّها الأن، ومن هنا يوضح أيوب بأن الخلاف الكبير الذي نشأ ما بين رئيس التّيار الوطنيّ الحرّ النّائب جبران باسيل، ورئيس الجمهوريّة السّابق العماد ميشال عون من جهة مع قائد الجيش الحاليّ العماد جوزيف عون من جهة ثانية كان يتمحور حول عدم التدخّل الجديّ للجيش خلال مظاهرات 17 تشرين وما تبعهُ من تسكير للطرق دام إلى وقت طويل، ومن هنا تصرُّ الإدارة الأميركيّة على أن الجيش اللبناني تنتظرهُ حتمًا عقوبات مباشرة في حال منع المتظاهرين عنالتعبير عن صرختهم ووجعهم.

من ناحية أخرى وبظل مرور لبنان بأسوأ أوضاعه السّياسيّة والإقتصاديّة، فإن استحقاقات كبيرة هو بحاجة إليها على الصّعد كافة بدءًا من إستحقاق رئاسة الجمهوريّة، وصولًا إلى الإنتخابات البلديّة والمختاريّة، مرورًا بالتّعيينات الأمنيّة التي لا تزال تحوم بدائرة الفراغ. فجمودٌ كلّي يحوم حول هذه الملفات، ما عدا ملف الإنتخابات البلديّة التي أعطى وزير الداخلية والبلديات بسّام مولوي ضوء أمل من إجرائها بعد تأجيلها وتمديدها، إذ أشار أن الإنتخابات البلدية والمختارية من شأنها أن تحصل في موعدها أي في شهر أيّار، وهذا هو همّ الحكومة الحالي.. إلا أن هل إجراء هذه الإنتخابات هو أمر كاف نسبيًا؟

عمليًا تطمينات وزير الداخليّة والبلديات بسّام مولوي تُعتبر “تنفيسة احتقان” إذ يتطلع من ورائها الأحزاب والمسؤولون إلى تخفيف حدّ الأزمة، والقيام بمنفس ديمقراطي يلجم غضب النّاس، إلا أن هذا فعليًا ليس بوارد أن يذهب إلى حلّ الأزمة بشكل كبير خاصةً وأنَّ الأحزاب تهدف وتمعن إلى السّيطرة على البلديات التي لم تكن يومًا منفصلة عن العمل الحزبي، فبحسب التقديرات فإنّ الأحزاب تسيطر على ما هو نسبته أكثر من 75% من البلديات في مختلف المناطق اللّبنانيّة، وعليه، لو كان هناك فائدةً من هؤلاء، لكانت ظهرت أصلاً بعد الإنتخابات النيابيّة، وعليه فإن التغييرات التي ستأتي من الإنتخابات البلديّة هو غير معولٌ عليه أبدًا، إذ أن الجيش وبحال كان قادرًا على حصر التفلت الذي قد يحصل من الإحتجاجات مع المؤسسات الأمنيّة الأخرى مثل الدرك والأمن العام، إلا أن خطر تطور الأمور والذهاب نحو تصعيد يتمثّل بخضةٍ أمنيةٍ كبرى هو ليس خارج الحسابات، وهذا ما يعيدنا إلى سيناريوهات الفوضى الكبرى التي قد انتهجتها الدول الخارجيّة في لبنان، من خلال ضرب رموز من شأن موتها أن يحي فلتانًا لا يكون حتى الجيش قادر على حصر هذه الأمور ووقف نزف الفلتان الذي سيؤدي إلى الإرتطام الكبير.
أما بالنسبة إلى رئاسة الجمهورية، فإنّ الأسماء هي الأخرى لا تزال دائرة بدوّامة، إذ أنّ إسم ناجي البستاني تم طرحه مجددًا وهذا ما من شأنه أن يشبه طرح سيناريو يشابه 7 أيار، ففرنجية من جهة أولى يملك 55 صوت، أما قائد فلديه 75 صوت لكن العائق يبقى بتعديل الدستور الذي فرضه بري. من هنا يؤكد أيوب على أن حزب الله سيبقى داعمًا لفرنجية، ولن يتوقف عن الدعم إلا بعد أن يقتنع الوزير السابق سليمان فرنجية بأن عقبة التحركات التي ستظهر في الشارع من والتداعيات المخيفة التي ستنتج عنها من شأنها أن تؤدي إلى هلاك لبنان، وعليه، فإن حزب الله سيكون مستعدًا أن ينطلق بمرحلة دعم قائد الجيش العماد جويف عون بعد انسحاب فرنجية من السباق الرئاسي.
ومن هنا يذهب الصحافي شارل أيوب للقول إلى أن الجهات السياسيّة في لبنان تشعر بالخطر المحدق بها حقًا، إذ أن الجميع بات يأخذ احتياطاته الأمنيّة خوفًا من أي عملية اغتيال، ويذهب أكثر للقول بأن هناك شخصيات كبيرة معرّضة للإستهداف كرئيس حزب القوات اللّبنانيّة سمير جعجع نظرًا لدوره الحالي، إذ يؤكد أيوب على أن سبب عدم زيارة جعجع للبطريرك الراعي هو الخوف من أي خرق قد يؤدي إلى استهدافه، ومن هنا يذهب للقول بأن النائب ستريدا جعجع هي أيضّأ بمعرض خطر كبير خاصة بحال عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وعليه فإن ساحة التهديدات من شأنها أن تتسع أكثر فأكثر طالما أن الوضع القائم لا يبشّر بأي تحسن من شأنه أن يرتد بإيجابيّة على الأوضاع السياسيّة والإقتصاديّة.

وعليه، يبقى الوضع في لبنان متّكئ على بحصة صغيرة، بدأت تتفرفط رويدًا رويدًا مع ارتفاع سعر الصّرف القياسيّ، وصولاً إلى التّعطيل الممنهج التي تقوم به بعض من الأحزاب السياسيّة، وعليه، وبحال بقي الوضع القائم على ما هو عليه من دون أي تحسن، فإنَّ ما ينتظر لبنان هو كبير، وكبير نسبيًّا، إذ لن يكون أي فريق سياسيّ قادر على لجم هذا الوضع، أو الحدّ من الإنهيار الكبير الحاصل.
ومن هنا، فإن أبواب الأحداث المقبلة ستكون منفتحةً على خيارات، وأحداث ستدخل لبنان حتمًا في نفق ودوّامة كبيرة، بدأت تظهرُ معالمها من خلال الهجوم الأخير على المصارف، وما سيتبعه لاحقًا من خضّات ستذهب بلبنان إلى ما هو أقسى بكثير من الجحيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى