سلايداتمقالات

أكثر من كرة قدم، أقل من حرب

كأس العالم الأكثر فوضى والأكثر إثارة للانقسام والأكثر أحقاداً..

 

الشاعر والإعلامي هاني نديم

صباح الخير أيها العالم وأنت تدحرج كرةً أمامك وتركض وراءها لتسجيل هدفٍ في مرمى الخصم.. صباح الخير إذ أن هناك دوماً خصم ولدينا دوماً الحجة لتمزيق شباكه.

إنها حربٌ ناعمة، حرب رموز ومصطلحات، حرب مكتسبات حضارية زائلة ومستدامةو حرب مستقبلٍ كذلك، حرب أعراق وطبقات وجغرافية وتاريخ، حربٌ تجري وأسلحتها البلاغات والتوريات والكنايات والمجاز..

صباح الخير أيها العالم ويا ليت تقتصر الحروب على مثل هذا..

إن مباريات ريال مدريد وبرشلونة هي صراع بين قشتالة وكاتالونيا، والصراع بين أتليتكو مدريد وإشبيليا، هو بين اليمين واليسار
في انجلترا الوضع مرعب، صراع مذهبي وأيدلوجي وصراع ألتراسات معظمها يؤمن بفكر النازيين الجدد، وبهذا انقسم نادي كلابتون بين المحافظين والرافضين للمثلية والملونيين وأقرت المحكمة إنشاء كلابتون كيمونتي يؤمن بالانفتاح والتحرر اتخذ من “لوغو” جمهورية إسبانيا الثانية شعاراً له.

الطبقية تجدها في إيطاليا، القتال المرير بين فريق نابولي وفرق الشمال الإيطالي هو قتال طبقي بحت. وإن كانت كرة القدم تتبع حروباً قديمة فقد تتسبب بها أيضاً كما حدث بين السلفادور والهندوراس.

يقول فورودين الصحافي في التايمز: إن الحرب لم تقف منذ ظهر ابن آدم، وأجملها حروب كرة القدم اللعينة برموزها العبقرية. كذلك؛ ألم تقل الصحف الأرجنتينية حينما سجل مارادونا هدفه الشهير على أنجلترا بيده: اليوم حررنا الفوكلاند

يرى الباحث الأمريكي مايكن بينوا Macon Benoit أن كرة القدم الأوروبية اليوم تجسد أربع خصائص رئيسية: الأولى أنها تعمل بمثابة وكيل للعلاقات الدولية، حيث أصبحت السياسات الخارجية للدول الأوروبية واضحة في المباريات. الملمح الثاني أن كرة القدم أصبحت مصدراً للدعاية السياسية وتستخدم لبناء الكبرياء الوطني وإرساء شرعية الحركات السياسية. كما أنها أداة للتهدئة الاجتماعية والتنفيس الشعبي وتحويل الطموحات الحزبية والسياسية إلى جانب الملمح الأخير والأهم بأنها وسيلة “آمنة” للاحتجاج.

في مباراة إيران وأمريكا 1998 في فرنسا، والتي فازت بها إيران. ووفقاً للوائح الفيفا، يتم تصنيف الفرق في كل مباراة على أنها فريق A أو فريق B. فريق B، كان إيران في هذه المباراة، وعليه أن يتوجه نحو الفريقA لمصافحته قبل المباراة. وكان المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، قد أصدر “أوامر صريحة بأن لا يسير الفريق الإيراني باتجاه الأمريكيين”. آنذاك تفاوض مهرداد مسعودي، أحد المسؤولين الإعلاميين في FIFA مع المنتخب الأمريكي ، ونتيجة لذلك، سار الأمريكيون نحو الإيرانيين. على أن يقوم اللاعبون الإيرانيون بإهداء الورود البيضاء لخصومهم الأمريكيين كرمز للسلام.

منذ أيام كتبت الجارديان: قد تكون هناك أيام مشحونة ومثيرة للانقسام في كأس العالم قبل صافرة النهاية. لكن لا يزال من المتوقع أن تحقق الفيفا رقماً قياسياً يبلغ 7.5 مليار دولار (6.3 مليار جنيه إسترليني) من كأس العالم الأكثر فوضى والأكثر إثارة للانقسام والأكثر أحقاداً..

بقلم : هاني نديم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى