“لا يختلف عاقلان” على لبّ الغاية من وراء الزيارة التي قام بها الرئيس السابق ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إلى الصرح البطريركي أمس، فهي بحسب ما ترى أوساط مواكبة لأجواء التشنّج المحتدم بين باسيل و”حزب الله” تندرج تحت عنوان عريض وحيد يحاكي تلطي الأول تحت عباءة بكركي في المواجهة الرئاسية مع حارة حريك…. وكل ما قيل خلال الزيارة سواءً من عون أو باسيل إنما أتى في واقع الأمر على قاعدة “بحكيك يا سيّدنا لتسمع يا سيّد” كما جاء في نداء الوطن”.
ومن هذا المنطلق، حرص عون، إن من خلال شكل الزيارة أو من خلال مضمون كلامه المقتضب إثر انتهائها على “تكبير حجر” الأزمة الرئاسية والارتقاء بها إلى مستوى المعركة الطائفية تحصيلاً لحقوق المسيحيين التي يختصرها على دارج العادة بحقوق “التيار” ورئيسه، مهوّلاً بأنّ هناك “كلاماً مباحاً” يؤثر السكوت عنه لأنّ “الأزمة كبيرة” والظرف قضى راهناً بوجوب “أن نستودع غبطة البطريرك الوضع الحالي وما فيه من حقوق غير مصانة وضرب للميثاق والدستور”. بينما كان باسيل قد مهّد لهذا الجوّ التهويلي صباحاً بالإشارة إلى أنه وضع “غبطة سيدنا البطريرك بتفاصيل خطورة وضخامة وفظاعة ما حصل” جراء انعقاد مجلس الوزراء، مشدداً على أنّه “ضرب للجمهورية وللكيان ولكل ما تعنيه الشراكة والميثاق والصيغة والأسس التي قام عليها هذا البلد”.
وبالاستناد إلى “فظاعة ما حصل”، جدد باسيل إثارة مسألة عقد حوار مسيحي بدعوة من البطريرك الماروني ورعايته لمقاربة الاستحقاق الرئاسي و”التفاهم على موقف واحد أو على اسم أو مجموعة من الأسماء لخوض الإنتخابات من خلالها، توصلاً إلى التوافق على شخصية تحظى بتأييد الثلثين والنصف زائداً واحداً في المجلس النيابي لتولي سدة رئاسة الجمهورية، مع التأكيد على أنه سيظل يسعى “في الداخل والخارج” لإيجاد حلّ للأزمة الرئاسية.
وإذ اختار رداً على أسئلة الصحافيين عدم الغوص في مسألة الإشكال الحاصل مع قيادة “حزب الله” مكتفياً بالقول: “الموضوع عندهم وأنا رجل مسالم”، رفض باسيل كذلك مقاربة الدعوة الحوارية النيابية التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري للتوافق على مرشح رئاسي بين أغلبية الكتل على اعتبار أنّ “كل شيء بوقته”، لكنه حرص في المقابل على التصويب بالمباشر على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بقوله في معرض الإجابة على استفسارات المراسلين الصحفيين: “جعجع رافض لكلّ شيء، لا بدّو يجي على بكركي ولا بدّو يعمل حوار”.