فيما يغرق نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في رمال “ثورة النساء والحرّية” المتحرّكة شيئاً فشيئاً، أدرج الاتحاد الأوروبي أمس 20 مسؤولاً وكياناً إيرانيّاً، بينهم مؤسّسة الإذاعة والتلفزيون، على لوائح العقوبات ضدّ طهران، موضحاً في بيان أن العقوبات الجديدة تأتي بسبب التورّط في التعامل العنيف مع التظاهرات الأخيرة التي تهزّ إيران.
ودعا الاتحاد الأوروبي طهران إلى وقف نشاطات زعزعة الاستقرار الإقليمي السياسية والعسكرية. وتحدّث البيان الختامي لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي عن نشاطات إيران المزعزعة لاستقرار اليمن ولبنان وسوريا والعراق. وطالب الاتحاد بـ”وقف كافة الأعمال ومحاولات تهديد أمن وحرّية الملاحة والطرقات البحرية في منطقة الخليج”.
كما أشار البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي أضاف 4 أفراد و4 كيانات إيرانية إلى لائحة العقوبات المتعلّقة بالحرب الروسية ضدّ أوكرانيا، لافتاً إلى أن العقوبات تأتي في ضوء تورّط هؤلاء الأفراد والكيانات في تطوير وتسليم مسيّرات تستخدمها روسيا في أوكرانيا. وتشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر إلى الاتحاد ومنع الأموال أو الموارد الاقتصادية عن المدرجة أسماؤهم في اللوائح.
وفي وقت سابق، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن التكتل سيتّفق على حزمة عقوبات “صارمة للغاية” على إيران، وقال: “سنتّخذ أي إجراء بمقدورنا لدعم الشابات والمتظاهرين السلميين”، فيما كشفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة على إيران ستستهدف “الحرس الثوري”.
وقالت بيربوك للصحافيين لدى وصولها لحضور اجتماع مع نظرائها في الاتحاد الأوروبي في بروكسل: “بهذه الحزمة من العقوبات، نستهدف خصيصاً المسؤولين عن الإعدامات والعنف ضدّ الأبرياء”، مضيفةً: “هؤلاء هم بشكل خاص “الحرس الثوري”، ولكن من بينهم أيضاً أولئك الذين يُحاولون ترهيب الناس أو معاقبتهم عبر تسجيلات مصوّرة تمّ إعدادها بالإكراه”.
كما اعتبرت أن الإعدامات “محاولة سافرة لترهيب الشعب ليس لنهيه عن ارتكاب جرائم، بل لعدم التعبير عن آرائه في الشارع لأنّه يُريد ببساطة العيش بحرّية”، بينما فرضت طهران عقوبات على جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني “أم آي 5” ومسؤولين عسكريين بريطانيين وشخصيات سياسية ألمانية ردّاً على “العقوبات غير القانونية” التي فرضها الأوروبّيون عليها، وفق ما أفاد المتحدّث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني.
واتهم كنعاني الأوروبّيين والبريطانيين خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي بـ”التدخل في شؤوننا”، مؤكداً أن العقوبات “تدخل حيّز التنفيذ اليوم (أمس)”. وفرضت طهران العقوبات على 32 شخصية وكياناً قبل انعقاد اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وتستهدف العقوبات الإيرانية بصورة خاصة المدير العام لوكالة الاستخبارات الداخلية البريطانية كين ماكالوم ورئيس الأركان الأدميرال السير طوني راداكين.
وبين الشخصيات الأخرى المستهدفة، أعضاء سابقون وحاليون في البرلمان البريطاني ومعهد توني بلير للتغيير في العالم. واستهدفت إيران أيضاً شخصيات سياسية ألمانية أبرزها الرئيسة السابقة للاتحاد المسيحي الديموقراطي أناغريت كرامب كارنباور ومفوضة الحكومة الفدرالية للثقافة والإعلام كلاوديا روث، فضلاً عن شركات ألمانية. كما فرضت عقوبات على مجلّة شارلي إيبدو الفرنسية الهزلية وعلى الفرع الفارسي لإذاعة أوروبا الحرّة (فري يوروب).
ووسط التحذيرات الحقوقية المتصاعدة من أن الكثير من الإيرانيين معرّضون لخطر الإعدام الوشيك من دون محاكمات عادلة، نفّذت السلطات الإيرانية ثاني عملية إعدام على ارتباط بـ”ثورة النساء والحرّية”، إذ ذكر موقع “ميزان أونلاين” التابع للسلطة القضائية الإيرانية أن محكمة في مدينة مشهد في شمال شرق البلاد حكمت على مجيد رضا رهناورد (23 عاماً) بالإعدام بعدما دين بتهمة قتل عنصرَين من القوى الأمنية طعناً بسكين وجرح 4 أشخاص آخرين، موضحاً أنه شنق علناً في المدينة وليس داخل السجن.
وبعد إعدام مجيد، ندّدت الولايات المتحدة بتنفيذ إيران ثاني عملية إعدام بحق متظاهر أوقف خلال الاحتجاجات، معتبرةً أن أحكام الإعدام هذه تُظهر أن القيادة في الجمهورية الإسلامية “تخشى شعبها”. وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس لصحافيين: “هذه الأحكام القاسية والآن أوّل إعدام علني (مرتبط بالاحتجاجات) تهدف إلى تخويف الشعب الإيراني… تهدف إلى إسكات المعارضة وتُظهر ببساطة إلى أي حد تخشى القيادة الإيرانية شعبها”.