سلايداتمقالات

هذا رأي بكركي.. بـ7 مرشّحين للرئاسة

كتب وليد شقير في أساس ميديا:

خاب ظنّ بعض الدول والتكهّنات الخارجية والمحلّية اللبنانية: لن ينقل اتفاق ترسيم الحدود البحرية لبنان إلى حال من الاستقرار. فالديناميّة التي عوّلت عليها بعض العواصم نتيجة الاتفاق، من حراك دولي وإقليمي للتهدئة في لبنان، ما هي إلا سراب. ونسي المتفائلون بترجمة إنجاز الترسيم إلى عمل جدّيّ من أجل “السلام الاقتصادي” في المنطقة أنّ ذلك يتطلّب مستلزمات سياسية تشمل قيادة الوضع الداخلي اللبناني نحو الحلول ولو المؤقّتة.

 

 

تبلّغ الجانب اللبناني الرسمي أنّ الحادث الدموي الجديد ضدّ “اليونيفيل” لن يمرّ من دون كشف وقائع ما حصل. وربّما انطلاقاً من هنا يمكن فهم تسليم أحد المطلوبين للتحقيق إلى الجيش اللبناني

 

“هدوء” الترسيم على الجهة الإسرائيليّة فقط

 

ما كذّب التفاؤل، أقلّه في لبنان، هو توالي التعقيدات على المستويات كلّها منذ نهاية تشرين الأول: تكريس الفراغ الرئاسي، فشل الجلسات النيابية العشر من أجل انتخاب رئيس، تصاعد الخلاف الداخلي على إدارة الفراغ الرئاسي بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ارتداء تناتش الصلاحيات ثوباً طائفياً، وأخيراً جريمة قتل الجندي الإيرلندي العامل في قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الجنوب.

 

أمّا ما قاله الرئيس الأميركي جو بايدن من أنّ الاتفاق “تاريخي” و”يمهّد الطريق لمنطقة أكثر استقراراً وازدهاراً”، فعاكسته الأحداث في اتجاه أكثر مأساوية: ذروة جديدة من التدهور في الأحوال المعيشية والسياسية بدون أيّ ضابط.

 

بدا واضحاً أنّ المقصود بالاستقرار المزعوم على جانبَيْ الحدود هو ضمان ألّا يقوّض الخلاف على الحدود البحرية الهدوء في المنطقة الشمالية من إسرائيل، أي استخراج الغاز من حقل كاريش واستكمال بناء منظومة استثمار الغاز في شرق المتوسط. لكنّ قتل الجندي الإيرلندي في الجنوب اللبناني لا يشي بأنّ الاستقرار سيسود داخل الحدود اللبنانية. فأولويّة الاستقرار تقتصر على الجانب الإسرائيلي الذي تلقّى ضمانات من “حزب الله” أثناء التفاوض على الترسيم. وهذا ما كشفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حديثه المنشور أمس في “النهار”. وتكرّس ذلك بتراجع بنيامين نتانياهو عن فكرة إلغاء اتفاق الترسيم التي وعد بها في حملته الانتخابية. وأشارت التقارير الغربية إلى أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة انصاع لتقويم المستوى الأمني والعسكري في الدولة العبرية، المقرّب جدّاً من واشنطن أيّاً كانت الإدارة فيها، الذي نصح بوجوب الحفاظ على الاتفاق وعدم إلغائه.

 

العاقبيّة تؤثّر على ترشيح القائد؟

 

مهما كانت أهداف الرسالة الفجّة لقتل الجندي الإيرلندي، فإنّها تضيف عاملاً جديداً إلى التعقيدات التي تحيط باستمرار الفراغ الرئاسي. وإذا كانت المعادلة السابقة على الحادث رجّحت ألّا تتخلّى إيران عن ورقة الإمساك بالرئاسة والحلول في لبنان لمواجهة الضغوط التي تتعرّض لها من دول الغرب جرّاء تماديها في قمع احتجاجات الداخل، فإنّ استهداف قوات الأمم المتحدة في الجنوب يطرح تحدّياً على الدول الغربية والعربية الساعية إلى تغيير في السلطة في لبنان. هل يمكنها القبول برئيس يتغاضى عن كسر شوكة المجتمع الدولي على الشكل الذي حصل في العاقبيّة الجنوبية؟

 

تبلّغ الجانب اللبناني الرسمي أنّ الحادث الدموي الجديد ضدّ “اليونيفيل” لن يمرّ من دون كشف وقائع ما حصل. وربّما انطلاقاً من هنا يمكن فهم تسليم أحد المطلوبين للتحقيق إلى الجيش اللبناني. ولا بدّ أن يكون التواصل الحكومي والدبلوماسي والعسكري مع “حزب الله” قد نقل الرسالة.

 

 

مهما كانت أهداف الرسالة الفجّة لقتل الجندي الإيرلندي، فإنّها تضيف عاملاً جديداً إلى التعقيدات التي تحيط باستمرار الفراغ الرئاسي

 

من الطبيعي أن يترك هذا الحادث أثره على المناخ المحيط بانتخابات الرئاسة الأولى المؤجّلة وفق المعطيات الخارجية كافّة إلى أن يتّفق اللبنانيون ويكفّوا عن انتظارهم جهات خارجية ترجّح لهم هذا الاسم أو ذاك. وهذا على الرغم من كلّ التسريبات التي تتحدّث عن جهود هذه الدولة أو تلك لتسويق قائد الجيش العماد جوزف عون أو غيره. وأوّل الأسماء التي ستتأثّر إذا جرى التعاطي مع قتل الجندي الإيرلندي كما سبق التعاطي مع لائحة الحوادث التي تعرّضت لها “اليونيفيل” في السنوات السابقة، هو اسم قائد الجيش المسؤول عن التحقيقات في ما جرى في العاقبيّة.

 

ذُكِرت الحوادث السابقة في قرارات مجلس الأمن التي صدرت في السنوات الأخيرة من أجل التجديد للقوات الدولية، من باب التأكيد أنّ المجتمع الدولي لن يتوقّف عن الدعوة إلى محاسبة المسؤولين عنها ولن يتجاوزها، وينتظر من لبنان التجاوب مع هذا المطلب مهما طال الزمن.

 

الكرة في الداخل وتجميد طرح الأسماء

 

في انتظار المسار الذي ستسلكه التحقيقات في حادث العاقبية، لا يشمل ارتفاع نسبة الاهتمام الدولي والعربي بتعقيدات الوضع اللبناني أيّ استعداد للانغماس في موضوع أسماء المرشّحين للرئاسة، حسب موقف ماكرون الأخير، وما صدر مِن نتائج عن اجتماعات وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب في واشنطن. القاعدة التي تتصرّف على أساسها هذه الدول هي الإيحاء بألّا يأتي رئيس معادٍ للدول الرئيسة المعنيّة بلبنان، أو متّهم بالفساد، أو يغطّي انغماس “حزب الله” في حروب المنطقة. أمّا الباقي، أي اختيار الإسم، فمتروك للتداول بين الفرقاء اللبنانيين، على الرغم من الحديث عن تحرّك دولي وإقليمي مع بداية السنة الجديدة من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والحديث عن اجتماع مرتقب في باريس لممثّلين عن السعودية وقطر وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية.

 

لبننة الاستحقاق ورأي بكركي

 

قبل أسابيع، ومع استشعار وسطاء محليّين بين الفرقاء أنّ الخارج مستنكف عن اقتراح أيّ أسماء، لجأ الوسطاء إلى ما يشبه جسّ نبض بعض المرجعيّات التي يمكن لموقفها أن يلعب دوراً في ترجيح هذا الاسم أو ذاك، وفي طليعتها بكركي، وجرى استعراض بعض الأسماء. ومع أنّ البطريركية تبلّغ من يسألها أنّها لن تتورّط بالأسماء، فذلك لا يلغي أنّ البطريرك الراعي تحدّث عن أربعة أسماء، ولم تأتِه أجوبة عنها من الثنائي الشيعي ولا من فرقاء خارجيين.

 

لكنّ الوسطاء الذين سعوا إلى سبر غور موقف الكنيسة من المرشّحين توصّلوا إلى الآتي:

 

– سليمان فرنجية: محبوب لدى بكركي، و”شجاع”، لكنّها تسأل هل كان “بيمرق”؟

 

– قائد الجيش العماد جوزف عون: علاقته جيّدة بالأميركيين وبالعديد من الفرقاء. وإذا رست عليه فلِمَ لا؟

 

– السفير السابق العميد جورج خوري: لديه صلات مع الجميع تقريباً ويعرف (توازنات) البلد جيّداً.

 

– ميشال معوّض: جيّد، لكن هل يستطيع جمع الأصوات المطلوبة؟

 

– زياد بارود: يسعى إلى إرضاء الجميع حين يطلبون منه ما يريدون.

 

– جهاد أزعور: أقرب إلى أن يكون حاكم مصرف لبنان.

 

– نعمة فرام: له دور إيجابي، وربّما “بعد بكّير”.

 

ثمّة من يشير إلى أنّ اللائحة التي جرى استفسار رأي بكركي في شأنها تشمل أسماء أخرى. فهل ينطلق البحث الداخلي للأسماء من ردود فعل بكركي على كلّ منها، ما دامت القوى الخارجية تضغط للبننة الاستحقاق؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى