كتب حبيب البستاني في اللواء:
مع نهاية العام يتساءل اللبنانيون كما معظم سكان العالم من هو رجل العام؟ فتتسابق المجلات والصحف العالمية في تسمية هذا الرجل أو ذاك أو هذه المرأة أو تلك وذلك تبعاً لمعايير وأسس تضعها ولا تشارك أحداً في وضعها، وكانت مجلة Time الأميركية قد سمّت رجل العام لأول مرة سنة 1927 شارلز لندبرغ وهو أول طيار عبر الأطلسي من نيويورك إلى باريس على متن طائرة، ومن ثم توالت الأسماء وصولاً إلى المهاتما غاندي وفرانكلين روزفلت، حتى أن ادولف هتلر وجوزف ستالين كانا رجل العام سنة 1938 وسنة 1939، وفلاديمير بوتين عام 2007.
وهكذا كانت شخصية العام موضع جدل ونقاش كبيرين، فرجل العام يمكن أن يكون شخصية أثّرت سلباً أو إيجاباً على مجرى التاريخ وهو يمكن أن يكون رجل علم ورائد في مختلف المجالات كما يمكنه أن يكون عكس ذلك تماماً.
وإذا كانت شخصية العام قد منحتها مجلة Time هذه السنة لـ فولودومير زيلينسكي، فإن ذلك لم يشكّل موضع إجماع كما في مختلف التسميات.
أما اللبنانيون فلهم اهتماماتهم ونظرتهم الخاصة لهذا الموضوع كما لهم خلافاتهم واختلافاتهم التي يضعونها في حساباتهم لتسمية رجل العام في لبنان.
ويشكّل الرئيس عون الشخصية الأكثر تأثيراً على مجريات الأحداث السياسية في لبنان، وهذا بغض النظر عن نظرة هذا الفريق أو ذاك لشخصية الرئيس عون وإنجازاته الكبيرة التي لا يمكن تجاهلها أو التنكّر لها. ويعتبر عهد الرئيس عون عهد الإنجازات التي ستغيّر مستقبل لبنان ووضعيته في المدى المنظور والبعيد. ولعل الإنجاز الأكبر هو التحدي الكبير لوضع حلم اكتشاف النفط والغاز موضع التنفيذ، وهو تحدى العالم كله في الداخل والخارج وصنع ما لم يستطع أياً من الرؤساء الذين سبقوه من رؤساء جمهورية ورؤساء حكومة ورؤساء مجالس نيابية من إنجازه، وقام بخطوة تاريخية وجريئة باعتراف العالم كله بإنجاز ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ووضع الأسس الراسخة لتحويل لبنان من دولة متسولة تستجدي المساعدات إلى دولة نفطية ستنعم الأجيال القادمة بثرواتها الدفينة، والتي ستضع لبنان في مصاف دول الخليج والدول الغنية المنتجة للنفط، ومن المنتظر أن يستعيد لبنان دوره الريادي في لبنان والعالم العربي والشرق أوسطي، وذلك بغض النظر عما يقوله أتباع الخارج المأجورين والتابعين لهذه الجهة أو تلك. كل ذلك لم يكن ليحدث لولا وجود العماد ميشال عون في سدة الرئاسة.
مكافحة الفساد
أما الملف الآخر الذي تصدّى له الرئيس عون إبان ولايته فهو موضوع مكافحة الفساد وملاحقة المرتكبين والسارقين الذين أوصلوا لبنان إلى ما هو عليه الآن من فقر وجوع. فلولا التدقيق الجنائي الذي بدأه فخامة الرئيس وذلك بالرغم من العراقيل المفضوحة والعلنية التي قام بها أرباب المافيا السياسية الاقتصادية والمالية لتأخير هذا التدقيق بعذر وبدون عذر، ولكن هذا التدقيق آتٍ آتٍ بالرغم من أنوف كل هؤلاء، فلا الحمايات السياسية ولا الحمايات الطائفية ستمنع التدقيق الجنائي من فضح المتورطين، من حاكم المصرف المركزي إلى أصحاب المصارف إلى السياسيين الذين بيّضوا الأموال وهرّبوا ثرواتهم إلى الخارج، والذين يعرفهم اللبنانيون بالإسم ويعرفون حجم الثروات التي تم تحويلها والمصارف التي حُولت الأموال إليها.
وبالرغم من تورّط البعض في موضوع القضاء والعدل فإن حفنة من القضاة الشجعان الذين تشجعوا وقاموا بأدوار بطولية في ظل ولاية العماد عون، والذين سيشهد لهم التاريخ على مناقبيتهم وحسن إدائهم، سيكونون بدون أدنى شك منارة للعدل في بلد استبيحت فيه العدالة ووُضعت للبيع في سوق النخاسة.
العهد باقٍ باقٍ
لقد انتهت ولاية الرئيس عون وبحسب الأصول الدستورية، والتي لم يسع لتمديدها لساعة واحدة، بالرغم من ترويج بعض الأبواق المأجورة وكتبة الصفحات الصفراء للتمديد، ولكن يخطئ من يظن أن انتهاء الولاية يعني انتهاء العهد، فهذا العهد مستمر وروح العهد مستمرة، وسيحملها رئيس جديد يتمتع بالجرأة والإرادة والقرار، لاستكمال ما بدأه صاحب القرار الرئيس العماد ميشال عون.