سلايداتلبنانيات

موازنة بـ”طلوع الروح”… رفع للأجور تأكله الضرائب والدولار الجمركي

كتب إسكندر خشاشو في النهار:

أقر مجلس النواب موازنة 2022 بعد جلسات مناقشة عامة متلفزة ، هجا فيها النواب الموازنة ونعتوها بأبشع الأوصاف، ثم عادوا وناقشوها بنداً بنداً في جلسات مقفلة. وفي النهاية مرت الموازنة العامة باكثرية هزيلة بلغت 63 نائباً ومعارضة 37 نائباً وامتناع 6 نواب حضروا الجلسة الأخيرة.

 

 

اختلفت لهجة النواب في الجلسات المقفلة وبدا النقاش اهدأ، وتناول الارقام وملاءمتها بين النفقات والواردات، وابتعدت الشعبوية عن كلام النواب، لا بل بدا جزء منهم متأهباً ومطالباً بزيادة الضرائب لرفع الواردات.

 

ارقام متغيرة، وزيادات من هنا ونقص من هناك رافقت الجلسة النيابية، ففي نسخة الحكومة الأخيرة التي قدمت للنواب منذ 3 ايام واعتمدت الدولار الجمركي على سعر 15 الف ليرة، بينّت عجزاً يتجاوز الـ16 الف مليار ليرة، ما ادى الى اعتراض النواب على العجز الكبير، الاّ ان المفاجأة اتت عبر لسان المدافع الأول عن المشروع النائب علي حسن خليل الذي توّلى مهمة وزير مالية الظل، وأعلن عن واردات اضافية غير مشمولة في الارقام واهمها هي واردات وزارتي الاشغال والاتصالات التي بدأت الاولى تجني رسومها بالدولار النقدي في المطار والمرفا، والثانية التي تجني وارداتها عبر صيرفة، ما يؤدي الى ارتفاع في الواردات نحو 7 الاف مليار ليرة، عبر 2800 مليار من الخليوي، و تسع مئة مليار عبر قرض القمح و 3000 من وزارة الاشغال.

 

خليل الذي بدا الواضع الاساسي للموازنة تولّى الاجابة على تساؤلات النواب، وشرح كل البنود متمكنا من الارقام التفصيلية والمتوقعة ودافع عنها بشراسة في وجه الهجمات عليها فيما وزير المال الفعلي يوسف خليل جلس متفرجاً اغلب الوقت ولم يرد على اي تساؤل، حتى عندما طلب رئيس مجلس النواب الاجابة، فكان جوابه انها موازنة استثنائية، وتصلح للباقي من هذا العام فقط، وهي انطلقت من مبدأ ان #لبنان يعيش اوضاعا اجتماعية صعبة، وانها لا تصلح ان تكون منطلقاً لموازنة السنة المقبلة من دون الغوص في تفاصيل الارقام.

 

وهنا برزت مطالبات من النواب بإرقام واضحة، وقال النائب جبران باسيل “اننا نريد أرقاماً واضحة. فتقرير وزارة المال لا توجد فيه كلّ الأرقام، والآن تأتي الحكومة وتعطينا بكل وزارة أرقاماً جديدة”. معتبراً أن “هناك عدم جدّيّة في التعاطي بموضوع الموازنة”، وهذا الامر دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري الى الطلب من الحكومة اعادة النظر واعطاء ارقام اكثر وضوحاً.

 

وانتقل النقاش الى دراسة البنود الاخرى في مشروع القانون وأقر المجلس “إعادة العمل بإعفاء معاشات التقاعد من الضريبة على الرواتب والأجور”، وهو اقتراح قدّمته كتلة “الجمهورية القوية”. وكذلك أقر النواب استيفاء رسوم جوازات السفر بقيمة مليون ليرة للجوازات ذات مدّة الخمس سنوات، ومليونيّ ليرة للجوازات ذات مدّة العشر سنوات. وأكّد النواب “ضرورة استعادة مبلغ 52 مليون دولار “فريش” من شركات الطيران لمصلحة الجامعة اللبنانية”، واعفاء الطلاب اللبنانية من رسوم التصديق على الافادات الجامعية في السفارات في الخارج.

 

خلال النقاشات طرح وزير العمل فكرة دولرة اجازات عمل العمال الاجانب باستثناء المساعدات المنزليات “لأنها لم تعد ترفاً ولم يعد يستعين بعاملة اجنبية في منزله الّا من هو بحاجتها بالفعل”، اما باقي الاجازات فهي تؤثر على اليد العاملة اللبنانية وبالتالي رفع الرسوم عليها وبالدولار الاميركي يدخل اموالاً الى الخزينة، الّا ان هذا الاقتراح قد سقط واكتفي برفع الرسوم بالليرة اللبنانية وجعلها نحو 16 مليون ليرة لإجازة العمل لعامل اجنبي.

 

كما طرح نائب “حزب الله” حسن فضل الله إعادة ادراج ضريبة التضامن الاجتماعي وهي ضريبة على رؤؤس الاموال، تبدأ من ارصدة ما فوق الخمسمئة الف الدولار، لكن رفض التيار الوطني الحر لهذا الطرح اسقطه ، وقد برر النائب الان عون اعتراض التيار على هذا الأمر انه بحاجة الى اليات معينة، بالاضافة الى دراسة امكانية فرض ضرائب على ارصدة عالقة في البنوك ولا يستطيع اصحابها التصرف فيها.

 

بند اجور القطاع العام نال نقاشات كبيرة وخصوصاً لجهة تأمين الواردات وعدم اسهامه بزيادة التضخم، وقضى في النهاية الى اقرار زيادة ضعفي اساس الراتب او الأجر للعاملين في القطاع العام بما فيه المؤسسات العامة والجامعة اللبنانية والبلديات المستخدمين والاجراء ومقدمي الخدمات الفنية والمتعاقدين والمتقاعدين وكل من يتقاضى اجرا من الاموال العمومية سواء أكان شهريا ام بدلا يوميا أم على الساعة او اساس المعاش التقاعدين، على ألا تزيد القيمة على 12 مليون ليرة ولا تقل عن مليون ليرة”، وتعتبر هذه الزيادة استثنائية محدودة بالزمن ريثما تتم المعالجة النهائية لموضوع الرواتب ولا تحتسب في تعويضات نهاية الخدمة او المعاش التقاعدي .

 

وقبل التصويت النهائي على مشروع القانون قدمت الحكومة ارقامها النهائية والتي اظهرت ان النفقات بلغت 40873 مليار ليرة أما الايرادات فبلغت 29986 مليار ليرة، اي بعجز تجاوز 10 الاف مليار ليرة.

 

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، اكد أنّ صندوق النقد تعهّد بعد الاتفاق أن يسدّد العجز وإلا ذاهبون إلى التضخّم. فردّ رئيس مجلس النواب، نبيه بري، على ميقاتي قائلاً: “عم تغلّط، يُشطب من المحضر، أنا والمجلس النيابي لا نخضع لا لصندوق النقد ولا لغيره والمجلس سيّد نفسه وهناك سيادة في مجلسنا”.

 

وفي النهاية حصلت الموازنة على 63 صوتاً مؤيداً من المجلس من اصل 106 نواب حضروا الجلسة الأخيرة وأيدتها كتل “حزب الله” و حركة أمل و “التيار الوطني الحر”، و اللقاء الديمقراطي و النواب السنة الذين يصنفون بخانة نواب المستقبل وعارضها كل من النواب التغييريين والكتائب والقوات وكتلة تقدم والنواب حسن مراد وعبدالرحمن البزري واسامة سعد وشربل مسعد وايهاب مطر.

 

ما النّوّاب مروان حماده، فيصل الصايغ، فريد الخازن، أشرف ريفي، جميل السيد، طه ناجي وعدنان طرابلسي فامتنعوا عن التصويت.

 

وبدا لافتاً خلال المناقشات ان نواب الكتائب لم يشاركوا بأي مناقشة ن الموازنة، واعتبر النائب سامي الجميل ان الموازنة هي عبارة عن مواد وهمية وهي بمثابة عملية انتحار جماعية وتشريع التهرّب الضريبي والإقتصاد الموازي، واصفًا إيّاها بالمهزلة.

 

وقال: “بدلا من القيام بالإصلاحات والنظر في كيفية إدخال الدولار الى البلد نضيّع وقتنا بالهروب إلى الأمام”، مؤكداً ان كل الإيرادات التي يجري الحديث عنها وهمية لأن زيادة الرواتب ستؤدي الى مزيد من طبع العملة ما سيؤدي الى تضخم هائل سيطيح بزيادة الرواتب وبالقدرة الشرائية لجميع اللبنانيين.

 

وتابع: “نحن نعتبر أننا نناقش مواد وهمية، ولكن حرصًا على وحدة صف المعارضة قرّرنا أن نحضر ونسجّل اعتراضنا من داخل الجلسة على كل هذه المواد التي هي خارج كل منطق وستؤدي الى انهيار ما تبقى من اقتصاد لبنان”.

 

ومثلهم فعلوا النواب التغييريون الذين لم يشارك منهم في المناقشة سوى النائبة بولا يعقو بيان التي ناقشت في اغلبية البنود ومثلها فعل زميلها فراس حمدان ولو بدرجة اقل فيما التزم الباقين الصمت، اما كتلة القوات فشاركت بمناقشة اغلبية البنود وطرحت ارءها وتعديلاتها قبل ان ترفض الموازنة بالتصويت .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى