مقالات

مرحباً بكم في جهنّم! (1 من 2)

  لبانون عاجل: فاتن نصرالدّين

لا زالت أموال اللبنانيّين محجوزٌ عليها في المصارف، لا بل قد تكون قد أصبحت في “خبر كان”  بعد كلام عن جرم احتيال تُمارسه بعض المصارف فيما يتعلّق بتعميم 158؛ يمثل خطورة لامتناهية في مضمونه وأبعاده ودلالاته، لاسيما البند السادس من المادة الثالثة من الكتاب التي من خلاله يعمل احد المصارف الكبرى على وضع المودع أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التوقيع أوعدم الإفادة من التعميم 158 ، ويحمل ذلك الكتاب خلف طيّاته ظلماً يلحق بحق المودع الذي ينوي الافادة من التعميم في مقابل ابراء ذمة المصرف “من أي حق أو مطلب مهما كان نوعه نتيجة تنفيذ مضمون الكتاب” حسب ما أفادت به إحدى المصادر القانونيّة. ولا زال الاقتصاد المتدهور يزداد سوءاً فَوَصل الى قعر الهاوية، والعملة الوطنيّة قد لفظت أنفاسها الأخيرة أمام الدولار بعد ملامسته ال 20 ألف ليرة. والفساد السياسي ينخرُ لبنان. أمّا الإصلاح المُرتقب والموعود به، تُحلّقُ روحُهُ في السماء السّابعة.

،،أين هيَ عيديّة اللّبنانيّين التي وُعدوا بها؟،،

وُعِد اللبنانيّين ب”عيديّة” من نوع آخر مع بداية العام الحالي، فَهَلّ العيد (رأس السنة)، مرَّ عيدٌ (عيد الفطر)، واقترب عيدٌ آخر (عيد الأضحى)، وما من بادرة خير لَمَعَ بريقها حتّى الآن؛ فها هي مسألة تشكيل الحكومة ترقُد في دهاليز السياسة اللبنانية من دون “حلحلة” سياسيّة من قبل الأطراف المعنيّة او حتى “تحريك أي ساكن” منذ مدّة.
مضت عدّة أشهر، وانتهتِ المُهَلُ الموضوعة لتشكيل الحكومة من قبل السلطات الفرنسيّة، والسياسيّون المعنيّون بالتشكيل، وتسهيل التشكيل، كَمَن خُدّر تخديراً عامّاً؛ ففَقَد ذاكرتَهُ ووعيهُ وإحساسَهُ، وحالة الترقّب “هي سيّدة الموقف”، لزيارة مُتوقّعة للرئيس المكلّف “سعد الحريري” هذا الاسبوع لقصر بعبدا بهدف تقديم تشكيلة وزاريّة قد تكون الأخيرة، ولزيارة أخرى مُنتظرة للموفد الفرنسي “باتريك دوريل” اليوم في ظلّ استكمال المبادرة الفرنسية سعيها لمعالجة الأزمة اللبنانيّة.

،،المصارف جزء من المشكلة، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في مكان آخر:
فساد سياسي وحُكم اعتباطي من جهة، واستيلاء إيراني وتحكّم مستبدّ من جهة أخرى،،

قد يعتقد البعض أنّ المُشكلة الأساسيّة تتجلّى في #المصارف وإداراتها فقط، والمسؤوليّة الكُبرى تقع على مصرف #لبنان دون غيره، والحلّ يكمُن في إقالة حاكمه. وكُثُر يتجاهلون أنّ أساس الأزمة الاقتصاديّة التي يعيشها لبنان اليوم هو الفساد السياسي الناتج عن مرض أصاب الطبقة الحاكمة في حبّها للسّلطة وإدمانها على المُحاصصة في الصفقات، والمحسوبيّات، والتنفيعات.. الخ، وأهمّ أسباب الفساد وأخطرها هي سياسيّة بامتياز. فهدر المال العام، واستنزاف مُقدّرات #الدّولة_اللّبنانيّة من دون لا حسيب ولا رقيب، وتقاسُم الحصص الطائفيّة، وزعزعة الإستقرار السياسي والأمني من فترة لأخرى من قبل مجموعة مُمثّلين يلعبون أدوار المسرحيّة باحترافيّة عالية من خلال اللّعب على الوتر العاطفي والطائفي والمذهبي عند المُشاهد اللّبناني، كُلُّها عوامل ومُمارسات شنيعة ساهمت في اشتداد الأزمة أكثر فأكثر على مرّ سنين طوال الى أن وصلنا الى ما نحن عليه اليوم.
هذا ناهيك عن التدخل الأجنبي الذي يأخذ حيّزاً مهمّاً في تأجيج الوضع الأمني والسياسي من جهة، والوضع الاقتصادي من جهة أخرى. فالتدخّلات الخارجيية من أمريكية او فرنسية أو فارسية أو حتى عربية…، كما وعُملاء الدّاخل ومُمارساتهم في تقديم المصلحة الخارجيّة على المصلحة الوطنيّة، كلّها أيضاً أسباب تُساهم بشكل كبير في زعزعة الإستقرار الأمني من جهة عن طريق “الممارسات التعصبيّة والبطلجيّة”، وفي إرباك الوضع السياسي من جهة أخرى من خلال عمليّات “العرقلة” المُتّبعة في أمور السياسة والإستغلال الحاصل للأوراق الداخلية بهدف الضغط السياسي لتحقيق مآرب الخارج، كما وإعاقة تشكيل الحكومة والتعطيل القائم في كثير من الأحيان وغيرها من قبل معظم الأطراف كُلٌّ حسب مصالحه الشخصيّة. فضلاً عن إساءة استخدام الدّعم المُقدّم من مصرف لبنان على السلع الأساسيّة، واستنزاف الموارد والمساعدات والإقدام على إرسالها خارج حدود الدولة اللبنانيّة بواسطة طُرُق غير شرعيّة وعبر معابر غير شرعيّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى