كتب حسين زلغوط في اللواء:
رمى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله حجراً كبيراً في المياه الرئاسية الراكدة، بعد أن التحق برئيس مجلس النواب نبيه بري لناحية دعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وإن كان قد كرر لأكثر من مرة بأن هذا الدعم لا يعني الترشيح المباشر من قبل الحزب لفرنجية، وكأنه بذلك قد حاول الحد من العاصفة التي ستعقب خطابه من قبل الفريق الآخر الذي ما زال يرشح النائب ميشال معوض.
واذا كان كلام «السيد» «الرئاسي» قد شكل تطوراً في مسار هذا الاستحقاق غير انه كان متوقعاً، بعد ان برزت معطيات في الآونة الاخيرة تؤكد بأن العلاقة ما بين «الحزب» و«التيار» لم تعد سوية، لا بل ذاهبة باتجاه الفراق وهو ما ألمح اليه الامين العام لحزب الله في سياق خطابه.
لا شك ان ما ظهر من وقائع في الساعات الماضية يؤكد بأن أفق الحل ما زال موصداً على المستويين الداخلي والخارجي، وأن حرب «الفيتوات» المتبادلة تشي بأن موعد انجاز الاستحقاق الرئاسي ما زال بعيداً، وبالتالي فإن عمر الفراغ في سدة الرئاسة سيطول لأسابيع وربما لأشهر قادمة، وبذلك فإن الساحة الداخلية ستكون مع قابل الايام حبلى بالكباش السياسي والتراشق الكلامي بشكل يتفاقم معه الوضع المعيشي ويتدهور الوضع الاقتصادي والنقدي أكثر فأكثر.
في هذا السياق ترى مصادر سياسية عليمة أن رفع سقف المواجهة من قبل فريق الثامن من آذار يأتي بعد ورود معلومات غير مريحة عن الاجتماع الخماسي الذي انعقد في باريس لأجل الوضع اللبناني، حيث برزت مواقف متشددة حيال مسألة انتخاب رئيس للجمهورية، وهو ما اعتبره فريق الثامن من آذار بأنه محاولة لتأمين المناخات الاقليمية والدولية لمجيء رئيس للبنان لا يطمئن له هذا الفريق خصوصاً على مستوى الثوابت الاساسية ومنها دور المقاومة، ولذلك فإن من تابع بدقة كلام السيد نصر الله يلمس باليقين بأن فحوى هذا الكلام لم يكن موجهاً الى الداخل بل الى الخارج ليقول بأننا لا يمكن ان نقبل برئيس يُفرض علينا بل نريده رئيساً من صناعة لبنانية، ولذلك ذهب في موقفه الى حد الجزم بأننا لا نقبل برئيس غير سليمان فرنجية قاطعاً بذلك الطريق امام اية محاولة لانجاز اي تسوية اقليمية او دولية تخالف هذه الرغبة.
وتؤكد هذه المصادر بأن الاستحقاق الرئاسي امام هذا المشهد السياسي المبعثر في الداخل، والمربك في الخارج سيبقى يراوح في المنطقة السلبية الى ان تحصل مفاجئة ما، في لحظة ما، في مكان وزمان ما، تؤدي الى نضوج تسوية تفرض على كل الاطراف السياسية في لبنان وتأتي بهم الى بيت الطاعة السياسية، والى حين الوصول الى هذه المرحلة ستبقى الساحة الداخلية تضج بالتراشق السياسي والضرب تحت «الزنار السياسي» على المستوى الرئاسي بين الفريق الذي جاهر في تسمية فرنجية لتبؤ سدة الرئاسة وبين الفريق الرافض لذلك، والوضع سيبقى على هذا المنوال الى ان يحدث احد من امرين، إما ان تقوم واشنطن ومعها الفريق الاقليمي الذي يدور في فلكها بالضغط على احد الافرقاء للقبول بتسوية، وإما ان يعود جبران باسيل ومعه تكتل «لبنان القوي» وينضم الى التسوية، والى ذاك الحين، فإن الخوف على الوضع المعيشي والاقتصادي سيتعاظم، كون ان هذا الوضع صار أشبه بقنابل عنقودية متنقلة.
الاستحقاق الرئاسي سيبقى يراوح في المنطقة السلبية لفترة طويلة
وتصل المصادر الى خلاصة بعد قراراتها المفصلة للواقع السياسي المأزوم، بأن انجاز الاستحقاق الرئاسي بات يحتاج الى معجزة من شأنها ان تنقل هذا الاستحقاق من الواقع الموضوع فيه سياسياً.
وفي شأن ما قاله السيد نصر الله بشأن علاقة الحزب بـ«التيار» ترى المصادر انه لأول مرة يلجأ «حزب الله» الى تعرية «التيار الوطني الحر»، بعد ان كشف امينه العام عن لقاء جمعه مع رئيس «التيار» جبران باسيل، من دون ان يخفي استياءه من اداء «التيار» في هذه المرحلة، وكأنه بذلك اعلن صراحة بأن فترة الغنج قد انتهت، مع إبقاء الباب مفتوحا مواربة في حال فضل النائب باسيل عدم فك التحالف الذي اكد السيد نصر الله اكثر من مرة بأنه غير مرتبط بالاستحقاقات ومنها استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، بمعنى ان الحزب لم يلتزم مع «التيار» في ضمن بنود التحالف بأي نوع من الالتزامات بأنه سيكون معه حيال اي مرشح يرشحه، فهذا الالتزام انتهى مع نهاية عهد العماد ميشال عون الذي كان تلقى وعداً من السيد نصر الله بالوقوف الى جانبه لإيصاله الى قصر بعبدا، وقد تخلى آنذاك عن دعم فرنجية لهذا المنصب تلبية للوعد الذي كان قد قطعه للعماد عون.