كتب منير الربيع في المدن:
تستمر حروب الظلّ أو المعارك الأمنية، وفق قواعد اشتباك محددة على “الجبهات” الإسرائيلية الإيرانية المفتوحة والواسعة. لبنان مستثنى حتى الآن من هذه المعارك والاشتباكات، على الرغم من محاولات إسرائيلية حصلت الأسبوع الفائت لحشره في قلب هذه الضربات، من خلال التسريبات الإسرائيلية، التي تحدّثت عن احتمال دخول منفذ عملية تفجير مجدّو من الأراضي اللبنانية، فيما تستمر التحقيقات داخل إسرائيل لكشف المزيد من الملابسات التي اكتنفت هذه العملية.
الجبهات المفتوحة تبقى في سوريا والداخل الفلسطيني، بالإضافة إلى لجوء الإسرائيليين بين فترة وأخرى لتنفيذ عمليات داخل إيران. بينما تأتي الردود الإيرانية في العراق، أو على الحدود السورية العراقية أو في الداخل الفلسطيني.
غرفة العمليات المشتركة
يحظى الواقع الداخلي الإسرائيلي المتفجّر باهتمام إيراني، ومن قبل حلفاء طهران في المنطقة. وهنا تبرز معلومات تفيد بأنه تمت إعادة تفعيل اجتماعات غرفة العمليات المشتركة، والتي تضم الحرس الثوري الإيراني، حزب الله، والفصائل الفلسطينية.. لمواكبة كل التطورات الحاصلة، وتحسباً لحصول أي تصعيد في المرحلة المقبلة.
إلى جانب تفعيل الاجتماعات العسكرية، تعزز التنسيق السياسي، من خلال اللقاءات التي عقدها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله مع رئيس حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، ومع المسؤول العسكري في حركة حماس صالح العاروري.
هذه اللقاءات هدفها توحيد الموقف والصفوف، وترتيب الوضع في البيت الداخلي لحلفاء طهران، مواكبة لأي تطورات عسكرية يمكن أن تشهدها المنطقة، في ظل الإحراج الكبير الذي تعيشه الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، والتحسب لاحتمال لجوئها إلى الخارج للالتفاف على الأزمة الداخلية. وهذا ما يفترض بالنسبة إلى الحزب يقظة وترقباً لما يمكن أن يحصل بنتيجة “الجنون الإسرائيلي”.
إبتعاد السعودية وإبعاد لبنان
تأتي ترتيبات الوضع الداخلي في قوى “محور المقاومة” على وقع الاتفاق السعودي الإيراني، وبالتالي التخفيف من وطأة الانقسام العربي أو الخليجي تحديداً مع إيران، فيما هناك رأي إيراني يشير بوضوح إلى ان السعودية، وباتفاقها مع طهران، أبعدت نفسها عن أي مؤشر من مؤشرات المواجهة، في حال استمر مسارها التصعيد من جانب إسرائيل أو من جانب الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي، هذا الاتفاق من شأنه أن يريح إيران نسبياً، خصوصاً أن كبار المسؤولين الإيرانيين قد أكدوا مراراً -بعد الاتفاق- أن الأراضي السعودية لن تكون ممراً لاستهداف إيران. وكأن ذلك ينطوي على مخاوف إيرانية من حصول مواجهة.
بالنسبة إلى حزب الله، فإن الموقف الواضح يشير بشكل شبه حاسم إلى أن لبنان لن يكون في قلب المواجهة، وهو بعيد عن ساحة “تصفية الحسابات” في العمليات الأمنية الدائرة، لمجموعة أسباب. السبب الأول، أن إسرائيل لن تكون قادرة على خوض مواجهة ضد الحزب، خصوصاً أن هكذا مواجهة ستكون مؤلمة جداً. والسبب الثاني، أن الإسرائيليين لا يريدون تضرر عمليات تصدير الغاز التي يقومون بها من حقل كاريش، خصوصاً أن أي مواجهة ستؤدي إلى استهداف حقول الغاز والمنصات العائمة. والسبب الثالث، أن كل المعطيات والمواقف الدولية تشير إلى أنه لا يمكن السماح باندلاع حرب أو مواجهة واسعة في لبنان أو في الشرق الأوسط، في ظل الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا.
إنطلاقاً من هنا، فإن لبنان سيبقى محيداً عن احتمالات التصعيد أو تطور مجريات الصراع، فيما تشير مصادر متابعة للقاءات التي عقدت بين مسؤولين محور المقاومة بأن التركيز في المرحلة المقبلة سيكون على الداخل الفلسطيني، في محاولة لممارسة المزيد من الضغوط على الإسرائيليين، تزامناً مع الاشتباك الداخلي القائم بين القوى الإسرائيلية المتناحرة. وسط تقديرات لدى حزب الله بأن التصعيد في الداخل سيستمر، وأن شهر رمضان سيكون فاصلاً لجهة التطورات التي سيشهدها وستتفعل فيها حركة الفلسطينيين بالداخل.