سلايداتمقالات

لبنان دولة مانحة للنزوح السوري؟

كتب كبريال مراد في موقع mtv:

من يتابع النقاش الحاصل على وسائل التواصل الاجتماعي على خلفية ملف النزوح السوري، يشعر بأنّ الحرب على الأبواب. فالتحريض سيّد الموقف، واللغة المستخدمة لا تسهم في معالجة الملف بل تعقيده وتأزيمه. حتى يكاد المتابع يشكّ في براءة ما يحصل، وكأن هناك من ينفخ في نار الاشكال لتحقيق غاية ما…ليست العودة الآمنة للنازحين على الأكيد.

فملف النزوح السوري في لبنان ليس وليد اللحظة. اذ بدأ مع انطلاق الأزمة السورية في العام ٢٠١١. تلهّى لبنان يومها بخلافاته السياسية، فاختلف على مقاربة ما يجري. بقيت الحدود مفتوحة بلا ضوابط، حتى باتت الجمهورية اللبنانية تتحمّل تداعيات وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضها.

أخطأ من أخطأ، وقصّر من قصّر. فبتنا أمام كرة نار. فاللبنانيون يعانون ما يعانوه. والسوريون يقاسون بعيداً عن بلدهم وارضهم وتاريخهم. فماذا بعد؟

في حياة البلدان والشعوب، تتخذ القرارات في وقتها، وفق المصلحة الوطنية ومصالح الشعب وديمومته. أما اللاقرار، أو الموقف المتأخّر، فيفقد مفاعيله، بعدما يكون “يلي ضرب ضرب”، وتأتي الصرخة متأخرة بعدما وقعت واقعة مليوني نازح باتوا أمراً واقعاً، ينافسون على العمل ويكبدون أعباء اقتصادية ومالية واجتماعية، وكلفة باهظة في الكهرباء والماء والتعليم.

لقد ترافق تخبّط لبنان الرسمي في بداية الأزمة، مع تعامل دول عدة مع القضية من بوابة “حادت عن ضهري بسيطة”. فموّلت دول ومنظّمات بقاء النازحين في لبنان، بعيداً عنها، بدل أن تموّل عودتهم، وتؤمّن الحلول السياسية لوقف الحرب في سوريا.
واليوم، استفاق لبنان الرسمي على موقف موحّد، عبرته في تطبيقه وفق القوانين المحلية والدولية والمصلحة الوطنية العليا، حتى لا يدفع لبنان مجدداً فاتورة اللامسؤولية في مقاربة ملف تداعياته كارثية.

فالقانون يجب أن يكون معيار مقاربة اوضاع النازحين. وعودتهم الى المناطق السورية الآمنة يجب ان تكون الهدف. لاسيما أن لبنان تحوّل الى دولة مانحة للنازحين، في الإيواء والمأكل والتربية والكهرباء والطبابة وسواها من الحاجات والقطاعات على مدى ١٢ عاماً، بينما هو يحتاج الى من يعينه ويساعده ويتحمّل عنه الأعباء.
وقد آن الأوان ليتحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته، في تأكيد الحل السياسي لانهاء الأزمة السورية، ولدفع ما عليه من كلفة مادية لتأمين حاجات النازحين واعادتهم الى وطنهم.

هي قرارات مطلوبة. حتى لا يبقى السوريون مهجّرون بعيداً عن وطنهم، وحتى لا يكون لبنان وطناً بديلاً، ودولته تحتاج لمن يواسيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى