كتب منير الربيع في المدن:
كانت رمية رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بالدعوة إلى طاولة حوار لمدة 7 أيام في مجلس النواب، وبعدها الذهاب إلى عقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس، محاولة منه للتقدّم على خصومه خطوة إلى الأمام. وهي خطوة تصفها المعارضة بأنها مناورة جديدة. بداية، بدا برّي مرتاحاً لما تجمّع لديه من معطيات حول عدم نجاح كل الضغوط التي مورست في الخارج، في سبيل فرض عقوبات عليه، فردّ على ذلك بصوت عال.
وتجنّباً لأي محاولات أخرى، أقدم على طرح مبادرته، بالدعوة إلى الحوار، وهو يعلم أن هناك من سيرفض الحوار، فيتحمل مسؤولية التعطيل بدلاً من تحميل رئيس المجلس مسؤولية إغلاقه بوجه الجلسات الإنتخابية. مرر برّي موقفه بداعي “تبرئة الذمّة”. وأبقى نفسه في منطقة آمنة. فحتى لو عقد الحوار، هو تحدث عن جلسات متتالية، وليس جلسات مفتوحة. وبالتالي، يمكنه عقد كل يوم جلسة انتخابية بدورتها الأولى وبعدها يتم تطيير النصاب.
ثلاثة مبعوثين
المفارقة، أن الطرح تزامن مع زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين، ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بعد زيارته إلى السعودية، وقبيل زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان. هذا التزامن، أفسح المجال أمام الكثير من التحليلات، وإذا كان هناك صفقة معينة يتم طرحها، بالاستناد على تشديد هوكشتاين حول ضرورة انتخاب الرئيس، وحديث عبد اللهيان بشكل إيجابي عن العلاقة مع السعودية وعن حث الأفرقاء على ضرورة انتخاب الرئيس، وأن السعودية ستقدّم مساعدات في حال الوصول إلى اتفاق يفضي إلى إعادة تكوين السلطة. كل ذلك دفع الكثيرين في لبنان إلى طرح أسئلة عديدة، خصوصاً إذا كان الإيرانيون قد نجحوا في إنجاز ترتيب معين مع السعودية والولايات المتحدة الأميركية لإيجاد تخريجة سياسية ورئاسية معينة.
تذهب التحليلات أبعد من ذلك، من خلال ربط مسار ترسيم الحدود البرية الذي تحدث عنه هوكشتاين، باعتباره يتضمن تقديم ورقة يستفيد منها الإيرانيون، في مقابل الحصول على مكسب سياسي يرتبط برئاسة الجمهورية، طالما أن حزب الله وحركة أمل لم يتخليا عن ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وبالتالي، فإن العمل يفترض أن يتركز وفق هذه القاعدة، سواءً في العلاقة مع الخارج، أو في الحوار الداخلي الذي يقوده الحزب مع التيار الوطني الحرّ، وصولاً إلى تشكيل لجان مختصة في البحث بالملف الرئاسي. في الموازاة، تتحدث بعض المعلومات في بيروت عن مساع كثيرة بذلت من جهات لبنانية باتجاه الإدارة الأميركية في سبيل الدفع إيجاباً بترشيح سليمان فرنجية.
تحييد فرنسا؟
ليس بالضرورة أن تقود كل هذه المساعي إلى نتيجة في شهر أيلول، طالما أن مواقف الأفرقاء لا تزال على حالها، وسط رفض من قبل المعارضة للمشاركة في الحوار. ما بين التقاطعات أو التزامن في الزيارات، كانت جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة للتجديد لقوات الطوارئ الدولية، تفضي إلى نتيجة واضحة تتعلق بالتلاقي الأميركي مع دول عربية وغربية في مواجهة الموقف الفرنسي، الذي كان مستجيباً للمطالعة اللبنانية في التخفيف من وقع القرار وآلياته وبنوده.
لذلك، لا يمكن إغفال مسألة تحييد الصيغة الفرنسية التي اقترحت واعتماد صيغة أخرى معدلة، وما سيكون لذلك من معان في المرحلة المقبلة على الإستحقاق الرئاسي، الذي على ما يبدو أنه سيدخل في مناورات جديدة، وإلى فترة أبعد من أيلول.