سلايداتمحليات

الحرب على غزة.. مطلب أميركي تحت ذريعة إستئصال حماس

كتب مصطفى شهاب:

جاءت الحرب على غزة هدية من السماء لأميركا التي تصارع البقاء كفلك سياسي وحيد تدور حوله باقي كواكب الأرض. ولهذا فما ترونه من تغول إسرائيلي وإجرام لا يحتمل في حق الحياة في غزة هو بالتأكيد بطلب مؤكد من الإدارة الأميركية، فليس غريبا والحالة هذه أن يلتقي في تل أبيب في وقت واحد الرئيس الأميركي ووزير خارجيته ووزير دفاعه ومستشاره للأمن القومي وقادته العسكريين، وأن يشارك الفريق الأميركي في اجتماعات في غرفة الحرب الإسرائيلية وفي اجتماعات الحكومة الأمنية المصغرة لإسرائيل.
فهذه الحرب، والتي لم تكن في الحسبان بعد أن غرقت أميركا طويلا في الحرب في أوكرانيا بمواجهة روسيا دون طائل، شكلت طوق نجاة للرئيس الأميركي وإدارته في محاولة استرجاع فرصه التي باتت شبه مفقودة في العودة إلى البيت الأبيض في الانتخابات القادمة، وفي محاولة التأكيد على الأحادية القطبية في تقرير السلم والحرب في العالم.
فهذه الحرب -خاصة والخصم فيها في غزة ضعيف مغلوب على أمره- تلبي دون شك رغبة الولايات المتحدة في إثبات تفردها. كما تشكل فرصة لها لاختبار رد فعل الطرف الثاني الذي أثبتت مواقفه الباهته أنه لا يزال يحبو في دروب السياسة الدولية.
باي باي شاينا، باي باي رشا، باي باي بريكس. هذا ما يمكن قوله في هذه المنافسة، ففي حين أن ما يجري في غزة يشكل فرصة ذهبية سانحة -على الأقل على الصعيد الأخلاقي- لبناء قوة مضادة؛ بدءا بموقف سياسي موحد وحاسم لهذه المجموعة تجاه المجزرة. إلا أن هذه القوة الجبارة تركت أميركا تصول وتجول في المنطقة في رسالة واضحة تقول بوضوح: إننا غير جاهزين للتحدي، ولربما غير مؤهلين لمواجهة هذا التحدي في هذا المكان من العالم، الذي تتفق فيه كافة الدول العظمى قاطبة بما فيها روسيا والصين والقوة الجديدة الهند مع الغرب على حماية أمن واستقرار إسرائيل، رغم كل ما بينها من خلاف على كل شيءٍ سواه.
على أن هذا الموقف الباهت الذي أظهرته دول مجموعة البريكس، لا بد أن ينعكس سلبا على انضمام دول جديدة للمجموعة أرهقها الدوران طويلاً في الفلك الأميركي لأنها لم تجد الحائط الصلب الذي يمكن أن تستند إليه.
من دروس التاريخ أن رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي نيكولاي بولجانين إبان العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 56 وجه إنذاره الشهير الذي عرف بإنذار بولجانين إلى الدول الثلاث، والذي هدد فيه بضرب لندن وباريس وتل أبيب بالصواريخ؛ الأمر الذي ساعد على وقف ذلك العدوان. كان مجرد إنذار، وتشير التقارير إلى أن الترسانة السوفيتية لم تكن تملك في الواقع في حينه ما يكفي من الصواريخ العابرة لضرب العواصم الثلاث، لكن الخدعة -والسياسة فن الخدع- نجحت في لجم العدوان.
والتاريخ لا يرحم أيها السادة. شعوبكم، بل أنتم ستتساءلون لماذا تركنا للغرب كل هذه الفسحة من الإجرام، لينفرد بسكان بقعة صغيرة مباركة من الأرض تسمى قطاع غزة. هذا الجزء الأكثر ألما في فلسطين، وهي كلها آلام.
فإلى متى يبقى الدم العربي والإنسان الفلسطيني مستباحا لغايات سياسية قذرة للأميركان وجرائهم في أوروبا ودولة الكيان؟؟ إلى متى؟
وأنتم يا أشقائنا في منظمة التعاون الإسلامي، وفي وطننا العربي. أميركا وبريطانيا وباقي دول الغرب ترسل بوارجها وحاملات طائراتها دعماً لدولة الكيان الصهيوني الغاصب؛ دعما للظالم، وأنتم تستجدون العالم لفتح ممرات إنسانية في غزة. ولا أدري على العموم كيف تكون إنسانية وغايتها تهجير المدنيين من منازلهم. هل أقول: تمخض الجبل فولد فأرا. هل رضيتم لأنفسكم بهذا الهوان، فإلى متى؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى