سلايداتمقالات

عامل الوقت و”حرب غزة”

كتبت سناء الجاك في نداء الوطن:

يلعب عامل الوقت دوراً سلبياً في حرب غزة، ويهدد بنك أهداف طرفي الصراع على حد سواء. فآلة القتل الإسرائيلية تمعن في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سعيها لإبادة للشعب الفلسطيني، وصولاً إلى أهداف تتيح لها وضع شروطها للقبول بوقف إطلاق النار. إلا أنّها تعجز عن الحسم بعد دخول المعارك شهرها الثاني.

وهي تتجاهل البحث بحلّ الدولتين، وترفض إدانة المجتمع الدولي لها لقتلها المدنيين ولا تستثني الأطفال والنساء والمستشفيات، وترجم من يدين جرائمها بالمعاداة للسامية.

أمّا آلة الممانعة، التي يكفيها أن تصمد، لتؤدي دورها القاضي بتكريس نفوذ مشغّلها الإيراني، تكاد تنفد ورقة صلاحيتها لجهة استغلال عدالة القضية الفلسطينية، مع ترجيح احتمال حصول المزيد من الدمار وسقوط المزيد من الضحايا من دون التوصل إلى لحظة الانتصار مع اعلان وقف إطلاق النار.

فهذه اللحظة تتطلب الحؤول دون «هزيمة حماس»، وذلك بموجب الشعار الممانع من طهران إلى جنوب لبنان. وكذلك الحؤول دون إحياء حل الدولتين على أساس المبادرة العربية القاضية بأن تعود إسرائيل إلى ما قبل حدود 1967. ويبقى الأهم وهو رفض الإقرار بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

بالتالي، ماذا عن أدوات الصمود على ضفتي الصراع؟ وإلى أي مدى يمكن لكل منهما اللعب على عامل الوقت واستنفاذه واستنزافه لتسجيل النقاط على الفريق الآخر؟

ماذا عن المجتمع الدولي؟ فالسلوك الظاهري للإدارة الأميركية الحالية يشي بالسعي لتحجيم نفوذ إيران في المنطقة، ولتحديد فترة سماح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى لا يدفع ثمن فشله وجرائمه، إن تمكن من تحقيق إنجازات في بنك أهدافه.

ولعل هذا الواقع هو سبب استجرار المزيد من الجبهات الساخنة المفتوحة، سواء من جانب محور الممانعة بذريعة مواجهة المد الصهيوني المنتهك الحقوق الدولية والإنسانية، أو من جانب نتنياهو المحكوم سلفاً بمواجهة ملفات أكثر سخونة عندما تتوقف آلة القتل.

ورأس الحربة في التسخين المرتقب سيكون «حزب الله»، فقد أعلن قائد قوة الجو الفضائية لـ»الحرس الثوري» الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة إنّ «رقعة الحرب اتسعت، ودخل لبنان في الصراع، ومن الممكن أن يتفاقم حجم الصراعات أكثر، والمستقبل غير واضح، لكن إيران مستعدة لكل الظروف».

من جهته، يكرر نتنياهو تحذيراته وتهديداته، ويبشرنا بأنه «سيرد على النار بنيران أقوى بكثير». وسيكون مصير بيروت مثل مصير غزة وسيدمر حركة «حماس».

وبين التهديد الإسرائيلي والجهوزية الإيرانية، تستمر المفاوضات بالنار والدم مع تطورات يكفي الإعلان عنها، حتى لو لم تنفذ، لتعزيز الهيمنة الإيرانية التي لا تشبع وتسعى إلى المزيد من النفوذ والسيطرة، ولتفاقم الخطر الإسرائيلي والاطماع الإسرائيلية ومفاعيل لعنة الشيطان الأكبر الأميركي.

وأي حديث عن الشرعية الدولية والشرعية العربية سيصبح دليل عمالة لمصلحة السياسة الأميركية في الشرق الأوسط على حساب الفلسطينيين ودماء أطفالهم، وربما مع تمدد إسرائيلي نحونا على حساب اللبنانيين بعد فتح جبهات حاولت إيران تجنبها، من خلال التحايل على صيغ وحدة الساحات، وذلك بالتصريحات النافية تورطها في حرب غزة، والاكتفاء بالمساندة على جبهة الجنوب اللبناني، والمشاركة في مؤتمر القمة العربي والإسلامي الذي استضافته المملكة العربية السعودية، وبحضور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وبما أنّ التعنّت الإجرامي الإسرائيلي لا يزال بعيداً عن بنك أهدافه، وكذلك التحايل الممانع بانتظار تدخل المجتمع الدولي لوقف جريمة إبادة الفلسطينيين في غزة، ومع غياب الخطط الاستراتيجية لكليهما، يضع الرهان على عامل الوقت «حرب غزة» وملحقاتها على فالق الزلازل… بانتظار المزيد من الهزات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى