كتب طوني فرنسيس في نداء الوطن:
عندما تحصل الهدنة في غزة، التي يجري العمل عليها بنشاط بين عواصم عدة، سيكرر «حزب الله» كما هو متوقع ما فعله في خلال الهدنات السابقة. سيوقف عملياته المحدودة ضد المواقع الإسرائيلية، فينعم الجنوبيون بأيام أو أسابيع من الهدوء يعودون فيها إلى تفقد منازلهم وأراضيهم بانتظار المرحلة المقبلة.
أوقف «الحزب» هجماته خلال توقف إطلاق النار وعمليات التبادل السابقة بين إسرائيل و»حماس»، مع أنّه لم يكن شريكاً في المفاوضات، ولا كانت إيران شريكةً، وعندما استؤنف القتال عاد وانخرط فيه بقوة أكبر رافعاً شعار وقف الحرب في غزة أولاً قبل البحث في أي تهدئة على الحدود اللبنانية.
والشعار هذا مطاط للغاية، إذ يمكن للهدنات في غزة إن تطول أو تقصر، ويمكن للقتال الذي تفرضه إسرائيل أن يتخذ أشكالاً شتى، بين مواجهات كبرى أو عمليات أمنية موضعية، ما يجعل عنوان استمرار «المساندة» من الجنوب قابلاً للاجتهاد ويمكن أن يقود إلى حريق شامل.
يأخذ تحرك الخماسية الدولية العربية من أجل لبنان هذا الواقع في الاعتبار.
وهو على الأرجح يعتبر أنّ هدنات غزة ستحصل، وأنّ «حزب الله» سيلتزم بها كما فعل في المرة السابقة، ولذلك يجري العمل لاغتنام الفرصة وتحقيق تسوية في لبنان تبدأ بانتخاب الرئيس وتنتهي بترتيبات على الحدود الجنوبية قوامها تثبيت الحدود البرية ونشر الجيش اللبناني وعودة النازحين من جانبي الحدود إلى منازلهم.
ما يعطي هذا الاحتمال صدقية إضافية الحديث عن «تعاون» إيراني مستجد، تتبلور ملامحه في الاتصالات الأميركية – الإيرانية عبر مسقط، والتعاون السعودي – الإيراني الذي وجّه رسالة قوية عبر اجتماع خيمة السفارة السعودية بين سفيري البلدين في بيروت، ثم الحديث عن احتمال مشاركة رجل بايدن المميّز آموس هوكشتاين في اجتماعات الخماسية.
الصفقة تتبلور، يستعجلها خماسيو الرئاسة. ليس بالضرورة أن ينتظروا نهاية حروب غزة، فما دام نتنياهو في السلطة ستستمر الحروب ولو استراحت قليلاً، وإنما كما هو واضح، سيستعجلون التسوية، مدفوعين بحرص إيران على عدم تعريض «حزب الله» لحرب مدمرة، وتعاونها مع السعودية، واهتمام أميركا الواضح… والرعاية الحنونة لجان إيف لودريان.