كتبت كاتي يمين في إرم:
بعد غياب، عاد رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري إلى الأضواء، في ذكرى اغتيال والده رفيق الحريري، مجددًا التساؤلات حول إمكانية عودته إلى الساحة السياسية في لبنان، بقوله باللهجة اللبنانية: “كل شي بوقتو حلو”.
ففي الذكرى الـ19 لاغتيال الرئيس اللبناني السابق رفيق الحريري، زار الحريري الابن، اليوم الأربعاء، ضريح والده، وقرأ الفاتحة برفقة عمّته بهية الحريري، وعمّه شفيق.
واغتِيل رفيق الحريري، الذي كان رئيسًا لوزراء لبنان قبل أن يقدم استقالته، في أكتوبر/ تشرين الأول 2004، في 14 فبراير/ شباط 2005، عندما فجّر انتحاري شاحنة مليئة بالمتفجرات، أثناء مرور موكبه المصفّح في بيروت، ما أدى إلى مقتله مع 21 شخصًا آخرين، وإصابة 226 آخرين بجراح.
واحتشد بضعة آلاف من اللبنانيين المناصرين لسعد الحريري وسط بيروت، ورددوا هتافات داعمة له، مناشدين إياه استئناف نشاطه السياسي المعلّق، منذ مطلع 2022.
وكان بين الجموع الذين توافدوا من مناطق لبنانية مختلفة عدد كبير من الشخصيات السياسية والدينية.
وغياب “الحريري” عن الساحة السياسية خلّف فراغًا ملموسًا في لبنان، كونه زعيمًا لتيار “المستقبل” الذي يُمثّل الطائفة السنية بشكل كبير، بحسب تقسيمات النظام الطائفي الذي يسيطر على لبنان.
وحيّا “الحريري” الجماهير، وصافح عددًا منهم، ولدى مغادرته، تحدّث إلى وسائل الإعلام متوجّهًا إلى الحشود بالقول: “أريد أن أشكر كل الناس الذين أتوا من كل لبنان، وأريد أن أقول لهم، أنا أينما كنت، سأبقى إلى جانبكم ومعكم، وفي النتيجة مثلما تقولون (كل شي بوقتو حلو)، وسعد الحريري لا يترك الناس”.
وختم تصريحه المقتضب بالقول: “قولوا للجميع إنكم عدتم إلى الساحة، ومن دونكم ليس هناك (بلد ماشي). نبض البلد هنا، حافظوا على النبض، حافظوا على البلد، ونحن سويًا وأنا إلى جانبكم”، مكررًا العبارة ذاتها: “كل شي بوقتو حلو”.
وتعليقًا على هذا المشهد رأى مراقبون في تصريحات لـ”إرم نيوز” أن هناك دلالات عميقة لا تنفصل عن سياق التغييرات الإقليمية المتسارعة التي قد يكون لبنان أحد أقطابها.
ورجحوا أن يعود اسم سعد الحريري إلى الواجهة كلاعب أساس في أي تسوية سياسية محتملة.
النائب في تيار المستقبل نزيه نجم قال إن “سعد الحريري لا يزال موجودًا في صلب الحياة السياسية”.
وعن احتمال عودة الحريري لتولّي رئاسة الوزراء قال: “كل شيء وارد، وهنالك مستجدات على الصعيد الإقليمي ستعطي نتائج إيجابية.”
ولفت “نجم” إلى اللقاء الموسع لمفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان بالحريري، أمس، الذي ضم أيضًا مفتي المناطق، وأعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، والعلماء، وإلى الحشود الغفيرة التي تطالب بعودة الحريري، معتبرًا أن كل ذلك “أكبر شهادة على أن الحريري هو زعيم الطائفة السنية، وأنه يتبع النهج الذي رسمه الشهيد رفيق الحريري.”
وشدد على أن ” الطائفتين المسيحية والإسلامية تتبعان نهج الحريرية لأنه يمثل الجميع”، وفق رأيه.
من جهته قال النائب في الحزب التقدمي الاشتراكي بلال العبدالله لـ “إرم نيوز” إن “جزءًا أساسًا من اعتكاف الرئيس الحريري كان قرارًا شخصيًا مبنيًا على معطيات نعرف قسمًا منها، أما القسم الأكبر فهو الذي يملكه. لذلك فالإجابة الدقيقة عن هذا الموضوع لا يقدمها إلا سعد الحريري شخصيًا ولا أحد سواه.”
وكذلك أكد النائب في حزب الكتائب اللبنانية سليم الصايغ أن “الجواب حول العودة يملكه فقط الرئيس الحريري، فهو يعرف أن التردد في المواقف الكبرى لا يصنع تاريخ الأوطان، ورجال الدولة لا يُحسبون بالسياسة.”
وواصل الوزير السابق تصريحه لـ “إرم نيوز” بالقول إن “الشعوب لا يهمها من السياسة إلا ما يحفظ كرامتها ويؤمّن حقوقها”، خاتمًا حديثه بالقول: “الحياة قرار.”
رئيس تحرير أخبار تلفزيون لبنان الإعلامي جلال عسّاف رأى أن عودة ظهور الرئيس سعد الحريري تأتي “كتثبيت لما يسمّى اختبار شعبيته وشعبية الحريرية السياسية داخل المكون السني.”
وقال إنه “عندما تتبلور في المنطقة، نتائج التطورات الحاصلة الآن، واتجاه التفاهمات الإقليمية- الدولية، واستطرادًا الأمريكية- الإيرانية، المتوقعة في أبريل/ نيسان، عندها، ستترسخ العودة الناجزة للشيخ سعد إلى لبنان”، وفق تعبيره.
وأشار “عساف” إلى تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أسبوع، بأن سعد الحريري هو الرابح الأكبر في الانتخابات النيابية الأخيرة في لبنان، حيث “حصد 24 %، دون أن يخوض الانتخابات”، معتبرًا أن هذا التصريح يؤكد الشعبية الكبيرة لسعد الحريري.
وشدد على تأثير “التفاهمات الإقليمية- الدولية المرتقبة للمنطقة” على العودة المحتملة للحريري.