كتب كبريال مراد في موقع mtv:
يروي من عايش الرئيس كميل شمعون ومؤسّس حزب الكتائب بيار الجميل أنهما لم يكونا في مراحل سياسية كثيرة على وئام. لكن الرجلين كان يقصدان الظهور أمام الإعلام بصورة مغايرة. وعند وصولهما الى اجتماع، كانا يتعاتبان خلف أبواب موصدة، قبل أن يظهرا مبتسمين وهما يتصافحان أمام الإعلام، كما تقتضي الصورة.
فهذه “الطقوس” من لوازم إظهار وحدة الموقف أمام الخصوم، ومن ضرورات طمأنة المؤيدين الى أن لا خوف على مجتمع قياداته متفقة.
يأتي هذا المثل في الوقت الذي تعيش فيه الساحة المسيحية تباعداً في المقاربات والأهداف، وسط شغور رئاسي مستمر يأكل ما تبقّى من هيكل الدولة وبنيان المؤسسات فيها.
على من الحق؟ الأكيد أن “مش كل الحق على المسيحيين”، ولكن، عليهم مسؤولية أكثر من غيرهم، كونهم الآباء المؤسسين للكيان اللبناني، والمتغنّين بكونهم “أمّ الصبي” لهذا الوطن الذي أرادوه مساحة حرية وتعددية، ورسالة للشرق والغرب.
فبينما بات من المسلّم به أنّ رئاسة الجمهوريّة مؤجّلة الى ما بعد انتهاء الحرب والرئاسة الأميركيّة، ما هو برنامج المسيحيّين لما بعد الحرب؟ أيّ لبنان يريدون؟ وأيّ مشروع إنقاذي يعملون عليه؟ ما هي رؤيتهم المشتركة؟ وما هي مقوّمات جلوسهم على طاولة المفاوضات؟
“ليك وين بعدن”، عبارة قالتها مجموعة أصدقاء من اتجاهات سياسيّة مختلفة، عندما وصلتها خلال دقائق أخبارٌ عاجلة عن حزب “مسيحي” يهاجم حزباً “مسيحيّاً” آخر.
تشكّل هذه المجموعة عيّنة عن نبض الناس الذين يريدون مدّ الجسور لا التباعد، الوحدة لا الفرقة، الرؤية المسيحيّة المشتركة، لا “كلّ يغني على ليلاه”. لأنهم يؤمنون بأن الوحدة المسيحيّة هي أساس الوحدة اللبنانيّة. وأنّ الخلل على المستوى المسيحي، خلل على صعيد اتّزان الدولة.
صحيح أن لدى كثيرين ملاحظات على ما آلت اليه تجربة “أوعى خيّك”، إلاّ أن “قوة الوحدة” أفرزت اقتراعاً للمغتربين، واستعادةً لحقوق المتحدّرين من أصولٍ لبنانيّة، وقانون انتخاب حسّن التمثيل، وصولاً الى توازن حكومي استثنائي، ورئيس للجمهوريّة، كان مرفوضاً منذ الطائف.
لرئيس مجلس النواب نبيه بري عبارته الشهيرة “يلي بيحضر السوق… ببيع وبيشتري”. وتخلّف المسيحيين عن لعب دور “الجسر” بين الجميع، انطلاقاً من رؤية انقاديّة وطنيّة، ستجعل من السهل التخلّي عنهم في “التسوية المقبلة”، أو اضطرارهم “يلحقوا حالن” لركوب قطارها، بعدما يتمّ اختيار “الآخرين” لأيّ شخص لتمثيلهم.
فهل يبقى “القوات” و”التيّار” و”المردة” و”الكتائب” والمستقلّون على مواقفهم وتعنّتهم، أم يصبحون على قدر خطورة اللحظة وضروراتها، فيخرجون من الوضعيّة السلبية التي حبسوا أنفسهم فيها، ليطرحوا أفكاراً جديدة تخلق من الجمود مبادرة، فيحملون “الشخص المشروع”، القادر على كسب تأييد الناخبين غير المسيحيين، لكسر الحلقة المفرغة؟