كتبت: كفا عبد الصمد
يعد الوقوف على حافة الهاوية امر مرهق وشاق، لا تعرف اذا كنت قادرا ان تخطو خطوة نحو مستقبل مجهول، وانت اصلا عاجز عن الحراك، او كيف تتأقلم مع الظروف المحيطة بك لكثرة بشاعتها… سئمنا التحليل والقراءات السياسية العبثية، واتعبنا الوقوف على اطراف جدليات لا محل لها من الاعراب، وارهقنا ال ما بين بين.. تختزن ذاكرتنا الجماعية مقولة ان خير الامور الوسط، ونهرب في سباتنا الى الاعتقاد بان التطرف هو بداية النهاية، مرض خبيث يفتك بالانسان ويجرده من كل الصفات الانسانية التي يختزنها في لاوعيه، لكن في جوهر الامر نحن قمة في التطرف، جميعنا من دون استثناء، هذا يخون ذاك، وذاك يحلل دم آخر وهكذا ندور في دوامة من التعصب لا نهاية لها.. جميعنا ندافع عن رأي قد يكون مغلوطا لكننا مستعدون للقطيعة والتضارب والخلاف دفاعا عن هذا الرأي، على قاعدة انا وطني وانت عميل، انا اعلم خلفيات المواضيع وانت جاهل مباطن الامور .. الحقيقة جميعنا اغبياء ولولا انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي منحت الجميع دون استثناء الحق في التنظير وابداء الرأي والقاء التهم جزافا، لما كنا وصلنا الى ما وصلنا اليه من هذا الانحطاط الاخلاقي والنفسي والمجتمعي… حرب لا حرب! ومن نحن لندعي معرفتنا بتفاصيل ما يطبخ داخل زواريب السياسة العالمية، من يستشيرنا في قراراته ومن يملك مفاتيح المعلومات الصحيحة، نضحك على المنجمين ونفعل ما هو اسوء منهم… بالامس صادف ان وقع بين يدي تغريدة لصديقين في اتجاهين معاكسين، اختلفا على الموقف في حوار كان يجب ان يكون حضاريا ونقاش نأتي منه بفائدة، لكن النتجية اصفت الى اتهام كل شخص منهم الآخر بانه عميل.. انت عميل صهيوني وانت عميل ايراني.. تبا لهذه الثقافة التي صبغت حواراتنا، قد اختلف معك في الرأي في الموقف في القراءة وفي التحليل لكن في نهاية المطاف نحن الاثنان ضحايا هذا النظام الطائفي المهترىء الذي اوصلنا الى ما نحن عليه… تلحفك بعباءة المقاومة او مجاهرتك بالرغبة في اختيار ثقافة الحياة لا الموت، وسيلة تعبر بها عن نفسك، لا مدافعتك المستمية عن المقاومة واتهامك الآخرين بالعمالة سيحرر القدس او يعيد خلط الاوراق والحسابات، ولا اندفاعك غير المبرر لمحور الغرب سيغير من واقع اللعبة ويضع الاميركي عند حده… نحن وقود الحروب التي تنشب لتتوزع فيها ثروات العالم، قيمتي كقيمتك بالضبط، سعري بسعرك، وعليه لا تحمتل الحياة كل هذا الحقد والتطرف… نموت نحن ليحيوا هم، نتغرب نحن لينعم ابناءهم بالسلطة والمال والسطوة، نعيش على هامش الحياة ليتلذذوا بزبدها ويتنعمون بثرواتها.. نحن نختلف وهم يتفقون في الصالونات وبيوت الميسر وحتى الاقبية السرية، نحن نؤمن بما يريدوننا ان نؤمن به، وهم لديهم حسابات اخرى ومصالح مختلفة… حرب او لا حرب الامر سيان ما نعيشه من ضغط نفسي وخوف دائم اسوء بكثير، لهذا هدىء من روعك الحياة لا تستحق وتذكر انهم قادونا الى حرب طويلة لا مبرر لها وعادوا واتفقوا على اشلاءنا وبنوا قصورهم ودماءنا تحت اقدامهم… لا تختلفوا على ما يتفقوا عليه الامر لا يستحق كل هذا العناء….