سلايداتمقالات

إنتقام.. ولكن مع محاذرة الحرب

كتب جوني منيّر في الجمهورية:

تابع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو استفزازاته في سعيه لاستجلاب رد عنيف من حزب الله أو إيران يسمح له بالانطلاق في رد عسكري “إنتقامي” يطاولهما على حد سواء.

فغداة عودته من زيارته للولايات المتحدة الأميركية تتضح الصورة أكثر فأكثر لناحية المشروع الذي يحمله. صحيح أن لقائه بالرئيس الأميركي جو بايدن لم ينتج منه نيل الضوء الأخضر لمشروعه الحربي الجديد لكنه سمع مرة أخرى التزاما أميركيا بأمن إسرائيل وحماية وجودها واستقرارها، وهو ما يشمل تفهم واشنطن لعمليات تقوم بها إسرائيل وتقع ضمن هذا التفسير.

لكن الأوساط الديبلوماسية نفت أن يكون البيت الأبيض قد منح نتنياهو الضوء الأخضر للمبادرة الى شن حرب على إيران ولبنان، بل تنفيذ عمليات في إطار الحماية الأمنية ولو جاءت في سياق العمليات الإستباقية شرط أن تكون مؤكدة. وقيل أن بايدن كرر خلال اللقاء القول مرات عدة أن واشنطن لن تترك إسرائيل أبدا ومذكرا بالشواهد التاريخية المتعددة والتي كان آخرها في السابع من تشرين الاول الماضي.

ولكن اللقاء مع بايدن حصل بعد خطاب الكونغرس حيث اشتعل التصفيق ل72 مرة وقوفا. صحيح أن نظام الحكم في الولايات المتحدة الأميركية رئاسي والقرار هو بيد الرئيس، ولكن هنالك ما يعرف بدوائر صنع القرار والتي تعرف أيضا بمؤسسات “الدولة العميقة” والتي تمتد مخالبها الى الكونغرس. فداخل مجلسي النواب والشيوخ تتداخل المصالح الأمنية والإقتصادية الضخمة، وبالتالي يمكن قراءة المؤشرات الواضحة للدولة الحقيقية أو ما بات يعرف بالدولة العميقة. واستطرادا فإن بايدن الذي لم يستسغ يوما نتنياهو لا بد أنه توقف مليا عند هذا الترتيب الذي أفضى إليه “خطاب” الكونغرس والذي حصل بالتعاون مع اللوبي اليهودي الفاعل والقوي. فقبل أيام معدودة سقط ترشيح بايدن نفسه تحت ضغط الآلة الأميركية الضخمة ولكن الخفية. وقبل ذلك بوقت قصير كاد أن يسقط المرشح المثير للجدل دونالد ترامب بعد أن أخطأته رصاصة ما تزال دوافعها مجهولة، أو على الأقل غير واضحة

ولذلك عاد نتنياهو الى تل أبيب ليمسك بيده بالآلة العسكرية الاسرائيلية. فتحرك بأسلوب استفزازي متجاوزا الخطوط الحمر إن في ضاحية بيروت الجنوبية أو في طهران. وكان واضحا أنه سعى بعفي عملياته لحشر إيران وحزب الله على حد سواء ودفعهما الى ردة فعل على مستوى الحدثين، وهو كان يجهز نفسه للمواجهة التي استعد لها.

 

ولا شك في أن البيت الأبيض كان يقرأ بتمعن المشهد الحربي الذي كان “الثعلب” الإسرائيلي يعمل على ترتيبه. فانزلاق إسرائيل في اتجاه الحرب سيفرض على واشنطن مؤازرتها، خصوصا وأن لنتنياهو “أسبابه الأمنية الموجبة” حيال الاغتيالين اللذين نفذهما وتحت عنوان “حماية الأمن الإسرائيلي”.

 

لذلك أعاد البيت الأبيض تنشيط خطوط تواصله مع طهران سواء المباشرة أو عبر طرف ثالث مؤثر. وفحوى الرسالة الأميركية ان لا تسقط طهران في “كمين” نتنياهو. لكن طهران المجروحة جراء الصفعة القوية التي تلقتها في غرفة نومها لا تستطيع ابتلاع ما حصل. ذلك أن هيبة نظامها على المحك وهو ما سيهدد صورته داخليا كما خارجيا.

 

ويدرك البيت الأبيض أن الزلزال في حال بدأ سيشمل ساحات عربية وليس فقط إسرائيل. وعلى سبيل المثال فلقد أفيد عن انتشار مجموعات من الفصائل العراقية التابعة لـ”الحشد الشعبي” عند المناطق الحدودية المتاخمة للأردن وسوريا. وقد يكون هذا الإنتشار العسكري أحد أسباب الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأردنية ايمن الصفدي لطهران. فمن حق الأردن أن ينتابه القلق من تحول المنطقة ساحة حرب وهو ما أبلغه رسميا الى بغداد وطهران على حد سواء. فالأردن مهتم بمنع خرق سيادته في حال تصاعد النزاع بين إيران وإسرائيل. وتردد أن الجواب العراقي كان أن لا داعي للقلق لأن هذه المجموعات هي قوات شرعية وتخضع لقرار الحكومة العراقية، وحيث ينتشر الى جانبها قوات من حرس الحدود وأن هدفها هو مطاردة فلول تنظيم “داعش”. ولا بد من أن يكون القلق الأردني قد ازداد خصوصا وأن من المعروف أن الحكومة العراقية لا تسيطر على تحركات “الحشد الشعبي”، وهي كانت اشتكت من ذلك مرات عدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى