بقلم : عادل أبو هاشم
*” إذا اغتالني العدو ، أنا أو أي مجاهد آخر، فإننا سنستمر، فالقضية لا تقف عند شخص واحد، بل يوجد أجيال ستدافع عن الحق ، وأكبر دليل على ذلك أنّه في كل منزل من منازل طولكرم يوجد شهيد أو شهيدان ، والمقاومة مستمرة “.*
*هذا ما أعلنه القائد المجاهد ” الشهيد الحي ” محمد سامر جابر” أبو شجاع ” قبل ساعات من استشهاده ..!!*
*إنها التراجيديا الفلسطينية ..*
*من موكب جنائزي إلى آخر، ومن شهيد يرتقي إلى آخر يسابقه ، وكأنهم جميعا في سباق أسطوري يفيض برائحة القدس وعبق يافا واللد والرملة وحيفا ..!!*
*هذه هي فلسطين .. فائض من الشهداء، وألم ينوء عن حمله وطن عربي من المحيط إلى الخليج ..!!*
*ثلة من الشهداء ، وملايين كأنهم غثاء السيل أو زبد البحر..!!*
*فهذا هو قدرنا .. قدرنا الفلسطيني ..!!*
*قدر الفلسطينيين أن يقاوموا .. ويقاوموا ..*
*ويجاهدوا.. ويستشهدوا..!!*
*هم الشهداء .. دمهم يعلن كل صباح ومساء أن لا سلام مع بني صهيون، ولا صلح مع القاتل ..!!*
*هم الشهداء .. يؤكدون دوما أن السلام لا تصنعه الإتفاقيات والمعاهدات التي تبيع الأرض ، والوثائق التي تضيع الحقوق وتكافئ الظالم ..!!*
*هم الحضور و الإنتصار في زمن الغياب و الهزيمة ..!!*
*هم الطريق لمن أراد أن يستقيم .. وهم العنوان لمن أراد الهدف ..!!*
*هكذا كان الموكب وما يزال .. طويل جداً ..*
*وقافلة الشهداء تسير دون توقف .. وينضم إليها يومياً كوكبة جديدة على طريق ذات الشوكة ..!!*
*وعلى هذا الطريق ترجل القائد المجاهد محمد سامر جابر ” أبو شجاع ” قائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين .*
*ترجل ” أبو شجاع ” ملحمة الشجاعة و سفر الرجولة و البسالة الذي دوخ العدو الإسرائيلي عقلاً و تخطيطا وتنفيذا لعشرات العمليات البطولية ضد جنود و مستوطني المحتل .*
*كان القائد المجاهد الشهيد ” أبو شجاع ” غاية في التفاني ، وعنوان للزهد و العطاء .*
*أبى أن يترجل الا في القمة دون أن يغادر الأرض الا إلى السماء ..!!*
*هذا هو ” أبو شجاع ” عرفته مدينة طولكرم و مخيم نور شمس الفتى الذي يحمل في هويته كلمة شهيد وإن لم يبصرها الناس ..!!*
*كل أفعاله كانت تدل كأقواله على صدق طلبه وحبه وعشقه للشهادة، فأصابته بعد أن أصابها مرات و مرات ..!!*
*رحلة طويلة كان القائد المجاهد ” أبو شجاع ” يدرك جيداً خاتمتها، بل أنها كانت الأمنية ، لكنه كان يريد أن يثخن في عدوه قبلها، وهو ما تحقق له من خلال عشرات العمليات البطولية ضد جـيش العدو الصهيوني و مستوطنيه التي شارك فيها او خطط لها، كما تحقق له خلال المعركة الأخيرة ..!!*
*محمد سامرجابر” أبو شجاع ” قائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس ، وأحد مؤسسيها في مارس ٢٠٢٢ م إلى جانب قائدها الأول سيف حفظي أبو لبدة ومجموعة من شباب مدينة طولكرم ومخيم نور شمس ، وتولى قيادة الكتيبة بعد استشهاد أبو لبدة يوم السبت ٢ / ٤ / ٢٠٢٢ م.*
*وأبو شجاع من مواليد مخيم نور شمس وينتمي لعائلة مهجرة من حيفا في نكبة ١٩٤٨م .*
*بدأ مقاومة الاحتلال في وقت مبكر من حياته ، وتعرض للاعتقال أول مرة وهو في ١٧ من عمره ، ثم اعتقل مجددا لمرتين إضافيتين قضى بموجبهما خمس سنوات في السجن ، كما اعتقل مرتين في سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية ، ونجا من عدة محاولات لاغتياله أو اعتقاله.*
*وأطلق عليه لقب ” الشهيد الحي “، بعد أن ظهر في شهر أبريل الماضي خلال تشييع شهداء مجزرة مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية، وذلك بعد أيام من إعلان الجيش اغتياله و احتجاز جثته ..!!*
*يصفه الإعلام الإسرائيلي بأنه ” شخص زعزع الاستقرار بشمال الضفة الغربية “، وانه شجاع وأحد المطلوبين الكبار لإسرائيل .*
*و في سياق ما تقوم به الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية من خلال تبنيها العقيدة الأمنية التي تم بناؤها منذ أن استلم محمود عباس مقاليد السلطة عام ٢٠٠٥ م القائمة على* *ملاحقة كل من يفكر أو يحاول أو يخطط لتنفيذ أعمال مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ، أو حتى عبر الدعوات والتحريض على القيام بعمليات ضد الاحتلال أو انتقاد أداء السلطة ودورها في التنسيق الأمني* *والتخلي عن المسؤوليات في حماية المواطن الفلسطيني ، تعرض ” أبو شجاع ” ومجاهدي كتيبة طولكرم لأكثر من محاولة للاغتيال والاعتقال من خلال عمليات الملاحقة لهم من قبل الأجهزة حيث استشهد اثنان من قادة الكتيبة برصاص هذه الأجهزة وهما القائد المجاهد معتصم خالد العارف يوم الثلاثاء ٢ / ٤ / ٢٠٢٤ م، و القائد المجاهد احمد هشام أبو الفول ” كريس ” يوم الخميس ٢ / / ٥ / ٢٠٢٤ م على الرغم من تأكيد الكتيبة تركيز استهدافها للاحتلال الإسرائيلي وعدم رغبتها في مواجهة أجهزة السلطة ..!!*
*وأقدمت عناصر من هذه الأجهزة على محاصر ” ابي شجاع ” داخل مستشفى ثابت ثابت يوم الجمعة ٢٦ / ٧ / ٢٠٢٤ م حيث يتلقى العلاج بهدف إلقاء القبض عليه، بعدما نجا من محاولات اغتيال عدة ، ومن ملاحقة العدو الصهيوني المستمرة له، وقامت بإطلاق قنابل الغاز على المتواجدين داخل المستشفى الذين هبوا لحماية أبو شجاع، ومنع السلطة من اعتقاله ..!!*
*قبل استشهاده كتب شهيدنا البطل عن شعوره بالتقصير تجاه القضية الفلسطينية :*
*” سأبقى أشعر بالتقصير مدى الحياة، رغم إنني لا أملك فعل شيء لم أفعله.*
*لا يمكنني طرد شعور سيء ينتابني كلما رأيت تضحيات الآخرين وما أصابهم .*
*أرى اعتقالي ومطاردتي وخسارتي لمنزلي وبعدي عن أهلي وفقد أخي محمود وعدد من المقربين مني أمور عابرة مقابل طفل فقد أمه، أو أب فقد طفله، أو أسير سيمضي في زنزانته عقود ويحرم منه أبنائه ” .*
*ولكن اواسي نفسي ان الله سلّمني لغاية ، وانني لم اختر التراجع بل اخترت دوما الأخد بالعزيمة ورغم ذاك لازلت بينكم ، وأواسي نفسي بان واجبنا ان خرجنا من هذه الحرب على قيد الحياة ان نكون على قدر المسؤولية وان نكون قوة لمن حولنا .. وان نبقى الأوفياء لمن ضحوا وقدموا…*
*هذا عهد في رقابنا ، أسال الله ان يمكننا من الوفاء به .*
*وبعد :*
*شهيد فلسطين ” أبو شجاع ” :*
*من بين جبال فلسطين الشماء ومن بين كهوفها ووديانها تمر وكأنك ليث اعلن عن تحرير غابته ، وكأنك نسر أعلن عن تحرير قمم الجبال .*
*مضيت متخذاِ طريق الشهادة سبيلا . . . رافضا اي ذل يصيب ارضك المقدسة وشعبك الأبي .*
*في عنفوان شبابك يا محمد كنت مارداً عملاقاً ضد المحتل.*
*لم تتزوج بعد ، وطالما كنت تواقا لذلك لتنجب اطفالا يسيرون على نفس دربك ، درب الجهاد والتضحية ، لكنّ الاقدار شاءت ان تزف الى الحور العين في جنات النعيم .*
*لقد كنت يا محمد شعلة مضيئة في زمن الظلام ، فرسمت لنا الطريق ، واثبت بدمك الطاهر ان الشعب الذي يزرع ارضه بالتضحية لابد ان يحصد النصر .*
*لقد عرفت يا محمد مبكراِ ان العدو الصهيوني لا يفهم الا لغة واحدة وهي لغة الرصاص فخاطبته باللغة التي يفهمها ، وبالاسلوب نفسه الذي ابتدعه وادخله الى المنطقة ، واثبت للكيان الاسرائيلي ان هذا الاسلوب ليس حكراً عليه فقط .*
*فهنينا لك الشهادة ووسامها يا محمد ، ونم قرير العين ، فان رحلت عنا فسينبت فينا الف ” أبي شجاع “نجوم في سماء الوطن وعنوان الأمل القادم ، ولتظل ذكراك اغنية فلسطينية متجددة على لسان الأطفال والأمهات ، يزرعنها في الأبناء جيلاً بعد جيل حتى تحين ساعة النصر باذن الله .*
——————————————
*السبت ٣١ / ٨ / ٢٠٢٤ م*