كتبت كريستال النوّار في موقع mtv:
في لحظات الحرب، تعيش المرأة الحامل خصوصاً، ألماً جسديًّا ونفسيًّا لا يُمكن وصفه. تتعرّض في كلّ دقيقة للخوف والهلع والصّدمة في وقتٍ تكون بأمسّ الحاجة لتقليل المُضاعفات المُمكنة لها ولجنينها… فماذا تعيش الحامل اليوم؟ وكيف تتعامل مع الوضع؟
مع زيادة التعرّض للتوتّر والقلق، يتضاعف الخطر على صحّة الحامل وطفلها، فيُصبح يومها مليئاً بتقلّبات المزاج والاكتئاب ونوبات القلق والصّدمات من كلّ حركةٍ مُفاجئة تحصل حولها. وهنا يُعتبر تلقّي الدّعم من البيئة المُحيطة، بالغ الأهميّة لتعزيز الحصانة وتقليل الاضطرابات بالإضافة إلى الاهتمام بالحاجات الجسديّة مثل تناول الطّعام المُغذّي، شرب المياه، الانتباه لساعات النوم. كما أنّ الدّعم العاطفي أولويّة، انطلاقاً من المُحادثات، تمارين التنفّس والاسترخاء وغير ذلك.
هذه الصّورة المثاليّة بعيدةٌ كلّ البُعد عن وضع الحامل اليوم، تقول ليال، وتروي في حديثٍ لموقع mtv مُعاناتها منذ اليوم الأوّل لبدء الحرب في 17 أيلول: “وصف الطّبيب حملي بأنّه عالي الخطورة عليّ وعلى طفلي، طالباً منّي أخذ أكبر قسطٍ من الرّاحة المُمكنة. ولكن مع جدار الصّوت المُتكرّر والطّيران القوي الذي لا يُفارقنا في بيروت، بات طلبُ الطّبيب شبه مُستحيل”.
وتُضيف ليال: “تفاقمت الاضطرابات الهرمونيّة وزادت مُعاناتي من التّعب وخفقان القلب والرّجفة في كلّ أنحاء الجسم. ومع كلّ جدار صوت كنتُ أشعر بتوقّف طفلي عن التّحرّك ممّا جعلني أُصاب بالهلع”.
في مرحلةٍ مُتقدّمة، بعد تفجيرات “البيجر”، “رغم أنّني كنتُ أسكن في منطقةٍ آمنة نسبيًّا في بيروت، أصرّ أقاربي في الاغتراب على أن أنتقل مع زوجي إلى منزل آخر أكثر أماناً على قاعدة “ما حدا بيعرف شو بصير”. وتُتابع ليال: “أوّلاً لم أقتنع وكنتُ أُريد البقاء في منزلي، ولكن لاحقاً ومع تفجيرات اللاسلكي والحوادث المُتتالية التي حصلت وقتها والضّربات المُفاجئة، اتّفقتُ مع زوجي على نقل السّكن واستأجرنا في أنطلياس.. وحسناً فعلنا، لأنّ الوضع بدأ بالهبوط السّريع”.
هل تشعرين بالأمان اليوم؟ وما الصّعوبات التي تواجهينها؟ تُجيب ليال: “النفسيّة أفضل طبعاً، رغم أنّنا ما زلنا نسمع جدار الصّوت وبعض الضّربات”. أمّا بالنّسبة إلى تجربة الحمل، فتُشير إلى أنّها في آخر الشّهر الثامن وعندما زارت المُستشفى للقيام بالزيارة الطبيّة الدوريّة تفاجأت لأنّها لم ترَ أحداً، “المستشفى كان فاضي على غير عادة”.
وتُضيف: “أخذتُ اللقاحات بشكلٍ طبيعي وكلّ شيء كان متوفراً. أمّا الخوف الذي أشعر به فهو من الولادة والعامِل النّفسي أولويّة”، موضحةً “كيف رح أوصل على المستشفى؟ شو عم أعمل بولد عم جيبو على الدّني هلّق؟ ظلمتو بهالوضع؟ التاريخ عم يعيد نفسو… أنا من مواليد 1987 ولدتُ في الحرب وعشت كلّ حياتي حروب… يبدو أنّ لا مهرب للبناني من هذا السيناريو الذي يُكرّر نفسه مع مرور السّنوات”.
“بعدني أحسن من غيري”، تقول ليال، لافتةً إلى أنّ سيّدة من معارفها أنجبت طفلها من فترة قصيرة، اضطرّت لأن تبقى في صور لأنّ المُستشفيات لا تستقبل حوامل ولا ولادات وقالوا لها “ما فيكِ تولدي عنّا لأنّ ما عندك ملفّ هون، ما فيكِ دغري تجي تولّدي”.
هذه حال الحوامل اليوم في زمن الموت. بين القلق والتوتّر والنوبات والخوف من المجهول وتوقّع الأسوأ… بين الهلع من غياب الأدوية والفيتامينات الضروريّة وصعوبة الولادة ووضع المُستشفيات الحرج… متى ينتهي الكابوس؟