سلايدات

هل يستعجل لبنان استجرار الغاز من مصر مع رفع “عقوبات قيصر”؟ ‏

 كتبت ميريام بلعة في المركزية :

بعد التطورات الإقليمية المدوِّية التي ستتذيّل بتحوّلات سياسية واقتصادية لا تُنبئ بشرق أوسط جديد وحسب، إنما أيضاً بخارطة اقتصادية حديثة علّ لبنان يلتقط حبالها لانتشال اقتصاده من قعر الانهيار… يطفو إلى الواجهة مصير قانون العقوبات المعروف بـ”قانون قيصر” الصادر عن الولايات المتحدة الأميركية عام 2019 والذي يستهدف النظام السوري ومختلف الجهات الداعمة له.

“عقوبات قيصر” لطالما تلطّى وراءها البنك الدولي وغيره من الجهات الدولية المموِّلة لرفض تمويل مشاريع خدماتية تنقذ لبنان من أزمات رَزَحَ تحتها حتى الخناق، لأن لسوريا دوراً في آلية تنفيذها… ولطالما تذرّعت الحكومة اللبنانية بهذا القانون لإخفاء “ما وراء الأَكمّة”، علماً أن “عقوبات قيصر” لم تكن الحجّة الوحيدة لحجب تمويل المشاريع المنوَّه عنها، إنما “الإصلاحات في مرافق الدولة اللبنانية ومؤسساتها العامة” كان الشرط التعجيزي للتمويل الدولي للبنان”…

أما وقد سقط “نظام الأسد” في سوريا يوم 8 كانون الأول، بدأ البحث الجدّي في أروقة الرئاسة الأميركية بإلغاء قانون قيصر، على رغمّ التمهّل في اتخاذ هذه الخطوة لتبيان نوايا هيئة تحرير الشام في قابل الأيام…

في الانتظار، هل لبنان مستعدّ جدياً للانطلاق بحقبة الإصلاحات بعد حقبات حُسبت له فساداً ورشاوى وفوضى أحكمت بمفاصل غالبية إداراته ومؤسساته العامة؟ هل هناك نيّة سياسية بالمضي في الإصلاحات المشروطة من قبل المؤسسات الدولية لتمويل مشاريع تعود بالنفع على لبنان وشعبه؟!

وليس مشروع استجرار الغاز من مصر إلى لبنان عبر الأراضي السورية، سوى واحدٌ من تلك المشاريع التي تردّد البنك الدولي في تمويله خوفاً من “قانون قيصر” من جهة، وغياب الإصلاحات في الإدارات العامة في لبنان من جهة أخرى.

لاستنفار الحكومة..

فمع سقوط النظام السوري والكلام الجدي حول رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، تطرح الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر عبر “المركزية” سلسلة تساؤلات حول مصير اتفاقية استجرار الغاز المصري، وتسأل “هل لبنان جاهزٌ لتطبيق الاتفاقية فور رفع العقوبات الأميركية عن سوريا وبالتالي هل هو مستعدّ لاستجرار الغاز والكهرباء سواء من مصر أو الأردن؟ هل أتمّت الحكومة اللبنانية الإصلاحات المشروطة من البنك الدولي؟ هل تستعجل الحكومة اللبنانية التنسيق مع البنك الدولي وإجراء بحث جدّي في هذا الموضوع”.

وتقول: إذا كانت الحكومة تذرّعت سابقاً بأنها أتمّت كل ما هو مطلوب منها لكن البنك الدولي يعرقل التمويل بحجّة العقوبات الأميركية على سوريا… أما وقد سقط النظام السوري وبدأ التحضير لإزالة العقوبات المنوَّه عنها آنفاً، ينبغي على الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة والمياه، الإسراع في التنسيق مع البنك الدولي لتمويل استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر كونه مشروعاً مُلحّاً لرفع معدّل التغذية بالتيار الكهربائي في المناطق اللبنانية كافة، إذ إن غالبية معامل إنتاج الكهرباء تعمل على الغاز.

إنما يجدر السؤال هنا، بحسب أبي حيدر، “هل لبنان مجهّز لوجستياً وتقنياً لهذه الخطوة؟ هل أعدّ لها البنى التحتية المناسِبة؟ هل يضمَن سلامة الأنابيب من أي اعتداء قد يتهدَّدها في ظل هذه المرحلة السياسية والأمنية الحساسة في لبنان والمنطقة؟!

وتشير إلى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان ألحقت دماراً هائلاً في قطاع الطاقة، ألا يجدر بالحكومة الاستفادة من الفرصة السانحة اليوم ومراجعة البنك الدولي في موضوع تمويل مشروع استجرار الغاز من مصر، والتأكد من مدى استعداده لذلك؟ خصوصاً أن إنتاج الكهرباء يتغذّى اليوم من مصدر واحد فقط هو النفط العراقي، في حين يجب توفير مصادر متعددة لتأمين استمرارية الإنتاج!”.

كما تستعجل أبي حيدر في السياق، “الاستفادة من هذا الوقت الضائع، والمباشرة بالإصلاحات الإدارية المطلوبة من المجتمع الدولي لملاقاة القرار المرتقب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وذلك لتعبيد الطريق أمام البنك الدولي للإسراع في تمويل مشروع الاستجرار من مصر وربما الكهرباء من الأردن”.

وتختم بأن “الهدف الأول من الإصلاحات تأمين تسديد القرض إلى البنك الدولي، ما يفتح المجال أمام لبنان للاستفادة من قروض جديدة ومساعدات أخرى هو بأمّس الحاجة إليها لإطلاق عجلة اقتصاده المتهالك”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى