سلايدات

حمزة الخطيب ابتسامة طفل قادت شعبا نحو الحرية

 

 

كتبت كفا عبد الصمد:
سقط نظام بشار الاسد، ورحلت الهيمنة الاسدية على سوريا الى الابد، تحرر الشعب السوري من همجية لم يعرف لها مثيل، وبقيت في الذاكرة صورا لأبشع انواع التعذيب والقتل والدمار التي هزت الانسانية جمعاء في اي مكان على وجه الارض.
لو كان ما نراه ونوثقه من مشاهد لا يصدقها العقل البشري، تأتي من سجون العدو الاسرائيلي لكان من الممكن تبريرها، على اعتبار ان اسرائيل دولة عدوة ومن الطبيعي ان نشاهد غطرستها خاصة وان لها باع طويل في الاجرام، لكن ان تأتي هذه الوحشية من اشخاص ولدوا في نفس البيئة بيننا، واكلوا من ذات الطبق معنا، حتى انهم عاشوا الظلم عينه، انه لأمر مقزز ومقرف ولا يتقبله اي انسان…
منذ سقوطه ولا تفارقني صورة حمزة الخطيب الفتى الذي قتل بلا سبب، وكان الفتيل الذي اشعل الثورة السورية وقاد بلاده الى الحرية، اليوم وبعد ما تكشف من اعمال مخالفة لجميع الاعراف والاديان الانسانية والسماوية في سجن صيدنايا، وانا على يقين بان ما خفي كان اعظم، اقول لحمزة نم قرير العينين، هنيئا لك ان اهلك تمكنوا من دفنك، عرفوا مصيرك وحافظوا على جثتك، في وقت كان العبث بالجثث فنا يتقنه سفاحو ذاك النظام المجرم..
كنت افكر دائما كيف يمكن لاي انسان فيه ذرة ضمير او اخلاق ان يقدم على ضرب فتى او تعذيبه، لكن بعد ما نتابعه، بث افكر كيف امضى هكذا نظام مجرم ومتخلف عقودا في بناء اناس لا دين لهم ولا عقل، مجرد جثث تتحرك بأوامر اسيادها، تقتل وتعذب وتقطع حتى الجثث من دون ان يرف لها جفن، اليس من الاجدر لو ان هذا النظام البائد عمل على بناء طاقات بشرية وفكرية قادرة على العطاء، بدل ان يصنع اشباحا تفوح منها رائحة التعنيف وتتحول الى رموز في الاجرام..
الموت حق لا بل رحمة في كثير من الاحيان، تربينا انه حين نمر بجانب المقابر نخفض صوت الموسيقى ونلزم الصمت، كيف لا وللأموات حرمة لا بد من احترامها.. اما في صيدنايا لا تحترم حياة السجناء ولا حتى موتهم، قطعوا جثثهم واحرقوا بعضها بالأسيد، وكبسوا بعضها الآخر في مكابس مخصصة لهذه الغاية.. في صيدنايا قتلوا المعتقل بدل المرة الف مرة، تخطوا كل المحاذير، ومارسوا ابشع انواع العذاب النفسي والجسدي والمعنوي ولحقوا بهم الى ما بعد الموت، فهتكوا اعراض جثثهم ونكلوا بها ابشع تنكيل. كيف يمكن لشخص ان يكون بهذه الوحشية واي نظام هذا الذي يربي خنازيرا بهذه العقلية المريضة والنفوس الشيطانية.. من رحل منهم من رحل، حمل اوجاعه وعذاباته وقابل ربه، وان لم تنصفه عدالة الارض سوف تنصفه عدالة السماء، وبقي من تحكمه صورة التعذيب وتمتلكه عيون حائرة واجساد منهكة، شبه قابلة للحياة.. يأخذني الخيال الى التفكير بهؤلاء الذين حملوا شرف التعذيب، افكر بمن كان يسلخ ويعصر الجثث، كيف امضى وسيمضي حياته، ترى هل كان ينظر الى اجرامه على انه وظيفة، يعود بعدها الى منزله، يفرح بعائلته، يتزوج وينجب ويكمل طريقه وكأن شيئا لم يكن، ام تراه كان يفاخر بعدد الجثث التي شوهها والمرات التي وقف فيها في غرفة الملح او على المكبس الذي يختصر ابشع الصور المناهضة للإنسانية..
وبعد ارجوكم لا تستكثروا على الشعب السوري فرحته بتخلصه من هذا الاجرام، ولا تتشدقوا بالتحليلات والفزلكات السياسية وتزرعون الاوهام في عقول من يتذوق الحرية بعد عقود من الاستعباد، دعوا الايام ترسم ملامح المرحلة المقبلة، ما كتب قد كتب، واليوم نحن في مرحلة التنفيذ، وليس من شأننا كمواطنين عاديين من رسم الخرائط السياسية، واجبنا ان نعيش بحرية وامان وكرامة والباقي تفاصيل لا دخل لنا بها وليست من مسؤوليتنا.. كفاكم متاجرة بنا وبأحلامنا، اوصلتمونا الى مرحلة من القرف حتى بتنا نلعن الساعة التي ولدنا فيها من رحم حضارتكم المزيفة. لسنا امة نحن مجموعة من الامم المزيفة المرتهنة لأشخاص تبني أمجادها وقصورها واملاكها على انقاض احلامنا وفوق جثثنا، اوطاننا لا تشبه الأوطان بل هي مجرد خمارات يديرها شخص معتوه، ويتحكم بمصير ابناءها طاغية مستبد، ويغتصب احلامها متخلف يسعى لإرضاء انا مرضية نشأ عليها وتغلغلت في اعماقه…
بعد ما حصل اصبحت على يقين بان هناك شياطين تسكن بيننا ولا تعرف في هذه الحياة سوى لغة القتل والاجرام، من المذل ان تسمع اصواتا تجاهر وتدافع عن طاغية الشام ومن لف لفيفه، واذا كان هذا الموقف يضعني في خانة الخيانة لجذوري العربية وقضيتي المحقة، اعترف باني خائنة ارجوكم اسقطوا عني جنسيتي العربية واسحبوا من دمي جيناتها السيئة، لا اريد ان احسب على احد يكفيني ان أكون انسان تحكمني قواعد الشرف والأخلاق قبل أي شيء.
اما أنت أيها الفتى الصغير، حمزة يا صاحب الخدود الوردية والابتسامة الخجولة، الانسانية تحتفل بعظمة ما قمت به اليوم لأنه بشكل او بآخر كنت البوابة التي عبر من خلالها هكذا نظام مجرم الى الهلاك.. لهذا استحلفكم بالله اعيدوا تسمية الشوارع باسمه واقيموا احتفالات تحمل صوره، مبارك هذا الفتى لان على روحه وانين عذاباته الموجعة تحررت بلدان واندحر طاغية.. حمزة الخطيب ابتسامة طفل قادت شعبا نحو الحرية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى