
كتبت يولا هاشم في المركزية:
تنتشر على معظم الحدود مع سوريا أبراج مراقبة يديرها الجيش اللبناني، لضبط الحركة البرية بين البلدين، تعتمد على كاميرات متطورة جداً، وعالية الدقة، تقوم بالتصوير الليلي والنهاري، ويمكنها التقاط صور دقيقة بحيث يصل مداها إلى مئات الأمتار داخل العمق السوري.
وأتى تشييد الأبراج ضمن دعم بريطاني للجيش عبر تقديم تجهيزات ومعدات عسكرية جرى تسليمها إلى ألوية الحدود البرية، من ضمنها آليات ودروع للأفراد وأجهزة لاسلكية وسواتر دفاعية وكاميرات مراقبة بعيدة المدى، وذلك بهدف منع ورصد وضرب كل العمليات غير الشرعية عبر الحدود.
في شباط من العام الماضي، اقترح وزير الخارجية البريطانية السابق ديفيد كاميرون، خلال زيارته الى بيروت، تعميم نموذج أبراج المراقبة على الحدود الجنوبية، لضمان تنفيذ واحترام القرار 1701 ومراقبة أي مظاهر مسلحة على الجانبين في عمق معين، على أن تكون تحت إشراف القوات الدولية (اليونيفيل) المنتشرة جنوب لبنان. إلا أن الاقتراح لاقى معارضة من قبل البعض بحجة أنها بمثابة خدمة لأمن إسرائيل على حساب لبنان.
اليوم مع تدفق النازحين السوريين من الساحل السوري الى لبنان، عاد الحديث عن أهمية هذه الأبراج في مراقبة الحدود وضبطها. فهل من مقترحات جديدة بهذا الخصوص؟
العميد المتقاعد جورج نادر يؤكد لـ”المركزية” ان “الأبراج قائمة والمراقبة مؤمنة في المبدأ على كامل الحدود. لكن التدفق حصل مؤخرًا على الحدود الشمالية مع سوريا حيث يفصل النهر الكبير بين البلدين، بسبب المشاكل على الساحل السوري، في بانياس، طرطوس، اللاذقية وغيرها، حيث تسكن أكثرية علوية. هناك شريط من القرى العلوية على الحدود مع النهر الكبير مباشرة، هرب قسم منهم واجتازوا النهر -صحيح ان اسمه “النهر الكبير” إلا ان الحدّ الفاصل صغير- وجاؤوا الى القرى اللبنانية العلوية تحديدا في عكار، وقسم منهم لجأ الى جبل محسن في طرابلس، ومنهم عائلات لبنانية كانت تسكن في سوريا لكن الأكثرية من السوريين، بلغ عددهم نحو 1600 عائلة في عكار فقط”.
وعن ضبط الحدود، يقول نادر: “حتى مع وجود أبراج، يمكن للأشخاص أن يتسلّلوا ليلًا سيرًا على الأقدام ويدخلون خلسة الى لبنان. في بعض الأحيان قد يرى المراقبون أشخاصًا هاربين من الذبح، لكن من الناحية الانسانية، لا يمكن منع شخص يهرب من القتل من الدخول”.
ويضيف: “يستحيل ضبط الحدود مئة في المئة، ليس فقط في لبنان بل وفي العالم، بل يتمّ ضبطها قدر الإمكان. الجيش يقوم بواجباته على أكمل وجه من هذه الناحية. وهنا يجب ان تتدخل المؤسسات الانسانية والدولة اللبنانية وتتواصل مع الدولة السورية والامم المتحدة وجامعة الدول العربية لضبط تدفق النازحين، لأن لبنان ليس بلد لجوء. في بداية الحرب السورية هرب عدد كبير من السوريين ممن هم ضد النظام ومكثوا في لبنان، ولم يكن بالإمكان رفض استقبالهم لأنهم أيضًا عانوا من ظروف انسانية دفعتهم لترك بلادهم. الامر نفسه يتكرر اليوم، التغيير معاكس، و النازحون هربوا من القتل، لكن لبنان غير قادر على تحمل عبء النزوح، لا اجتماعيًا ولا أمنيًا لأن الكثير منهم ينتمون الى خلايا إرهابية، ولا لناحية بنيته التحتية. وبالتالي يجب التواصل مع الدولة السورية والطلب منها استرداد مواطنيها “.
ويختم نادر: “أمنيًا، يقوم الجيش بكل ما في استطاعته وأكثر، ويراقب الخلايا ويوقف مطلوبين، لكن الوضع غير سليم. الامر الجيد يكمن في غياب التوتر الطائفي العلوي – السني، خاصة في منطقة عكار، قد يبرز هذا التوتر لدى قلة قليلة من الاشخاص، لكن أبناء المنطقة بشكل عام مدركون وواعون للأوضاع. وانا مطمئن لهذه الناحية”.